سجلت أسعار الفضة اليوم ارتفاعًا ملحوظًا لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ 14 عامًا، حيث اقتربت من 50 دولارًا للأوقية مدفوعة بعوامل متعددة مثل ضعف الدولار وارتفاع الطلب الصناعي في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا، ومع زيادة الاستثمارات في الفضة كملاذ آمن، يتوقع الخبراء أن تستمر هذه الموجة الصعودية، مما يعكس أهمية الفضة في الاقتصاد العالمي ويعزز مكانتها كمكون أساسي في الصناعات الحديثة.
أسعار الفضة تسجل قمة جديدة في الأسواق العالمية
ارتفعت أسعار الفضة بشكل ملحوظ في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم الخميس، حيث سجلت الأوقية قمة جديدة هي الأعلى منذ 14 عامًا، ولامست مستوى 45 دولارًا، ويعود ذلك إلى عدة عوامل رئيسية مثل ضعف الدولار وزيادة الطلب الصناعي، بالإضافة إلى توقعات السياسات النقدية الأمريكية، وفقًا لتقرير مركز “الملاذ الآمن” للأبحاث، فقد سجل سعر جرام الفضة عيار 800 في السوق المحلي 58 جنيهًا، بزيادة جنيه واحد عن تعاملات أمس، كما بلغ سعر جرام الفضة عيار 999 نحو 72 جنيهًا، وجرام الفضة عيار 925 حوالي 67 جنيهًا، بينما استقر سعر جنيه الفضة (عيار 925) عند 536 جنيهًا.
العوامل المحركة للارتفاع في أسعار الفضة
تعتبر تراجع قيمة الدولار من العوامل المساعدة في دفع أسعار الفضة للارتفاع، حيث يلجأ المستثمرون إلى المعادن الثمينة كملاذ آمن للتحوط ضد تقلبات العملات، ومع ذلك، حذر أوستان جولسبي، عضو الاحتياطي الفيدرالي، من الإفراط في خفض أسعار الفائدة، مشيرًا إلى استمرار قوة سوق العمل الأمريكي، وهو ما قد يحد من اندفاع المعادن، كما أن الطلب الصناعي المتزايد، خاصة في مجالات الطاقة الشمسية والإلكترونيات، يمثل أحد المحركات الأساسية للطلب على الفضة، حيث يسجل السوق زيادة ملحوظة في استهلاك الفضة بسبب اعتماد قطاعات الطاقة المتجددة عليه في تطبيقات التكنولوجيا الحديثة.
التحديات والمخاطر التي تواجه سوق الفضة
يشير التقرير إلى أن هناك عجزًا في المعروض نتيجة ضعف إنتاج المناجم مقارنة بارتفاع الطلب، حيث سجل سوق الفضة خلال السنوات الخمس الأخيرة عجوزات تراكمية بلغت نحو 800 مليون أوقية، ومن المتوقع أن يصل العجز هذا العام وحده إلى 187 مليون أوقية، ومع ذلك، فإن تقلبات السياسة النقدية الأمريكية، مثل أي تشديد مفاجئ أو رفع جديد للفائدة، قد يقلل من جاذبية الفضة، كما أن تغيرات سوق العرض، مثل زيادة الإنتاج أو استرداد كميات كبيرة من الخردة، قد تخفف من الضغوط السعرية، بينما تباطؤ قطاع التكنولوجيا أو الطاقة المتجددة قد يؤدي إلى تراجع الطلب، مما يزيد من تعقيد مشهد العرض والطلب.
دور الفضة في الاقتصاد العالمي
أكد التقرير أن الفضة أصبحت عنصرًا محوريًا في الاقتصاد العالمي، ليس فقط كملاذ استثماري آمن، وإنما كمكون أساسي في البنية الصناعية الجديدة، خصوصًا مع تسارع التحول إلى الطاقة النظيفة، كما أن الاستخدام الصناعي، خاصة في الإلكترونيات والسيارات الكهربائية، يمثل المحرك الأكبر للطلب على المعدن، وعلاوة على ذلك، فإن الأسواق الناشئة مثل الهند أصبحت تقود الطلب على الطاقة الشمسية كبديل منخفض التكلفة، ما يرفع من استهلاك الفضة عالميًا، وتعمل الدول على تكوين مخزونات محلية من المعادن الحيوية، بما في ذلك الفضة، مما يضيف تكاليف إضافية على الأسواق ويزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي.
مقارنات مع الذهب وتوقعات مستقبلية
أظهر التقرير أن الفضة تفوقت مؤخرًا على الذهب في وتيرة الارتفاع، حيث انخفضت نسبة الذهب إلى الفضة إلى 85.16، مما يشير إلى أن أسعار الفضة ترتفع بوتيرة أسرع، وغالبًا ما يُعتبر هذا المؤشر دلالة على تزايد شهية المستثمرين للمخاطرة، إذ تُعد الفضة رهانًا أكثر عدوانية على النمو الاقتصادي مقارنة بالذهب، وقد خفض الفيدرالي الأمريكي الأسبوع الماضي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، مع توقعات بمزيد من الخفض قبل نهاية العام، مما يجعل الأصول غير المدرة للعائد مثل الفضة أكثر جاذبية.
أسعار الفضة عند أعلى مستوياتها منذ 14 عامًا ليست سوى بداية لدورة صعودية جديدة مدفوعة بعجز المعروض، ارتفاع الطلب الصناعي، والتحول العالمي نحو الطاقة المتجددة، ومع تشابه مسارها مع صعود البلاديوم قبل سنوات، يبدو أن سقف 50 دولارًا للأوقية قد يكون أقرب مما يتوقع المستثمرون، ما يجعل الفضة اليوم في بؤرة الاهتمام العالمي كملاذ آمن واستثمار صناعي في آن واحد.
التعليقات