في غزة، يعاني الناس من واقع مرير حيث يضطرون إلى مواجهة خيار قاتل يتمثل في “القتل مقابل الغذاء” فالشاب عبد الله، الذي قُتل أثناء انتظاره للحصول على المساعدات، يمثل مأساة العديد من الشباب الذين يسعون للحصول على لقمة العيش في ظروف صعبة ومعقدة، حيث تتعرض مراكز توزيع المساعدات لنيران الجيش الإسرائيلي، مما يجعل الحصول على الغذاء أشبه بالمغامرة، ويعكس الوضع القائم في غزة كيف أن الحاجة إلى الغذاء قد تصبح سببًا للموت، بينما يتجلى الألم في عيون الآباء الذين فقدوا أبناءهم، مثل ضياء الذي يشعر بأنه ضحى بابنه من أجل إطعام أسرته، فالمساعدات الإنسانية التي يفترض أن تكون أملًا للجميع تتحول في بعض الأحيان إلى مشهد مروع، حيث يتم قتل الأبرياء، مما يترك أثرًا عميقًا في النفوس.
مأساة اللجوء في غزة: قصة ضياء وعبد الله
ضياء، رب أسرة في منتصف العمر، يعيش في أحد مخيمات اللجوء وسط غزة، رغم مضيافته وترحيبه بزائريه، إلا أن أحزانه تلوح في عينيه، فابنه عبد الله، الذي كان في التاسعة عشرة من عمره، ارتقى شهيداً في الثاني من أغسطس، بينما كان ينتظر أن تفتح مراكز توزيع المساعدات أبوابها. هذه المراكز، التي بدأت عملها في غزة في مايو الماضي، تديرها "مؤسسة غزة الإنسانية" تحت حماية عناصر من الجيش الإسرائيلي، مما يثير تساؤلات حول سلامة المدنيين في ظل الظروف القاسية التي يعيشها القطاع.
الأثر النفسي لفقدان الأبن
في غرفة عبد الله الفارغة، يحتضن ضياء حقيبة ابنه المدرسية، مشيراً إلى رائحة ابنه التي لا تزال عالقة بها، ويقول: "ليرحمك الله يا بُنيّ". يشعر ضياء بالذنب، حيث يتذكر كيف حاول منع ابنه من الذهاب للحصول على المساعدات، لكن عبد الله كان متفائلاً، قائلاً: "إن شاء الله سيكون كل شيء على ما يُرام يا أبي". هذا الشعور بالذنب يثقل كاهل ضياء، فهو يعتقد أنه ضحى بابنه الأكبر من أجل إطعام إخوته.
المجاعة والتهديدات المستمرة
تعيش غزة تحت حصار خانق، حيث تمنع إسرائيل دخول الغذاء والمساعدات الحيوية، مما أدى إلى تفاقم المجاعة في المدينة. وقد أكدت لجنة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي أن المجاعة قد ضربت غزة بالفعل، رغم نفي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لذلك. وزعم نتنياهو أن الأمم المتحدة مسؤولة عن فشل توزيع المساعدات، وهو ما تنفيه الوكالات الدولية، مؤكدة أن شحنات المساعدات تكون موثقة وتحت المراقبة.
حكاية عبد الله: من الأمل إلى الفقد
تظهر قصة عبد الله كيف أن الشباب الفلسطينيين، مثل معاذ، صديق عبد الله، يتعرضون للخطر أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات. فقد ذهب الصديقان إلى مركز توزيع المساعدات، ملتزمين بتعليمات الجنود، ولكن لحظة انشغال عبد الله بقضاء حاجته كانت كفيلة بأن تودي بحياته. يصف معاذ كيف هرع إلى صديقه بعد إطلاق النار، لكن الوقت كان قد فات، حيث لفظ عبد الله أنفاسه الأخيرة.
تتوالى الأحداث المؤلمة، حيث يشير ضياء إلى أن حياته في غزة أصبحت صعبة للغاية، ويعبر عن ألمه لفقدان ابنه الذي كان يحمل أحلاماً كبيرة. في ظل هذه الظروف، تبقى مأساة الفلسطينيين قائمة، حيث يسعون للبقاء على قيد الحياة رغم التحديات المستمرة.
التعليقات