تشهد أسواق الفضة خلال الأيام الأخيرة حالة غير مسبوقة من التقلب الحاد، في مشهد لفت أنظار المستثمرين حول العالم، ووصل صداه إلى شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي سلط الضوء على الاندفاع العنيف للمعدن الأبيض نحو قمم تاريخية جديدة. هذا الزخم الاستثنائي جعل الفضة في قلب المزاج العام للأسواق العالمية.

قفزات سعر الفضة

قفز سعر الفضة مع بداية تداولات يوم الإثنين إلى مستوى قياسي تجاوز 84 دولارًا للأونصة، قبل أن يتعرض لهبوط سريع اقترب من مستوى 70 دولارًا في تداولات ضعيفة السيولة أعقبت عطلات الأسواق، غير أن السعر عاد للارتفاع مرة أخرى خلال تعاملات يوم الثلاثاء. هذا التحول المفاجئ يُعد من أكبر الانعكاسات السعرية التي شهدها سوق الفضة على الإطلاق.

أداء استثنائي رغم التراجع

ورغم هذا التراجع الحاد، لا تزال أسعار الفضة مرتفعة بأكثر من 150% منذ بداية العام، وهو أداء استثنائي يعكس قوة الزخم الاستثماري. ومع ذلك، يظل السؤال الأهم مطروحًا بقوة بين المستثمرين، وهو إلى أين تتجه أسعار الفضة من هنا.

تحليل استباقي للسوق

استعد للتنقل في سوق الفضة شديد التقلب بتحليل استباقي يركز على مراقبة تدفقات الصناديق المتداولة وتكاليف الاقتراض في لندن وتطورات التحقيقات التجارية. اشترك الآن في إنفستنغ برو بالنسخة العربية لتعزيز قراراتك الاستثمارية بتحليلات آنية عبر WarrenAI، مستفيداً من خصم 55% المذهل في عرض العام الجديد المحدود.

مؤشرات السوق ونقاط المتابعة الرئيسية

يطرح المحللون مجموعة من الرسوم والمؤشرات الأساسية التي يجب مراقبتها في سوق الفضة لتقييم الاتجاه المقبل للأسعار، خاصة في ظل هذه التحركات العنيفة وغير المعتادة. أحد أبرز العوامل المؤثرة كان الطلب القوي من الصين، حيث أدى الارتفاع الكبير في شهية المستثمرين الصينيين إلى دفع أسعار الفضة صعودًا خلال الفترة الأخيرة. وقد اندفع المضاربون بقوة نحو المعدن النفيس، في سيناريو مشابه لما يحدث في سوق البلاتين.

ارتفاع الطلب في الصين

دفع الطلب المرتفع على عقود الفضة في بورصة شنغهاي للذهب خلال شهر ديسمبر العلاوات السعرية إلى مستويات قياسية، ما أدى إلى سحب المؤشرات السعرية العالمية الأخرى في الاتجاه نفسه، وعزز من حالة الاندفاع في الأسواق الدولية.

إيقاف استقبال العملاء في صندوق الفضة

دفع الارتفاع الحاد في الأسعار صندوق الفضة الوحيد المتخصص بالكامل في السوق الصينية إلى إيقاف استقبال عملاء جدد خلال الأسبوع الماضي، بعدما تجاهل المستثمرون تحذيرات متكررة بشأن المخاطر. مدير الصندوق أعلن هذا القرار الاستثنائي بعد فشل إجراءات متعددة، من تشديد قواعد التداول إلى توجيهات تحذيرية بشأن مكاسب غير قابلة للاستدامة، في تهدئة حماس المستثمرين الذي غذته وسائل التواصل الاجتماعي.

زيادة حيازات الصناديق المتداولة

في الوقت نفسه، شهدت حيازات الصناديق المتداولة في البورصة المدعومة فعليًا بالفضة ارتفاعًا كبيرًا هذا العام، حيث زادت بأكثر من 150 مليون أونصة. ورغم أن إجمالي الحيازات لا يزال دون الذروة المسجلة خلال موجة استثمار الأفراد المدفوعة بمنصة ريديت في عام 2021، فإن هذه التدفقات لعبت دورًا محوريًا في تقليص المعروض المتاح في سوق يعاني أصلًا من شح الإمدادات.

مؤشرات فنية وضغوط الهامش

سجلت أسعار الفضة قفزة تجاوزت 25% خلال شهر ديسمبر وحده، في طريقها لتحقيق أكبر مكسب شهري منذ عام 2020. ودفعت سرعة هذا الصعود بعض المؤشرات الفنية إلى إرسال إشارات تحذيرية بأن الأسعار ارتفعت بوتيرة أسرع من اللازم. فيما ظل مؤشر القوة النسبية، الذي يقيس زخم الشراء والبيع، فوق مستوى 70 خلال معظم الأسابيع الماضية. وعادة ما تشير قراءة أعلى من 70 إلى أن عددًا كبيرًا من المستثمرين دخل السوق خلال فترة زمنية قصيرة، ما يزيد احتمالات التصحيح.

خطوات للحد من المخاطر

وفي ظل هذا التقلب الحاد، بدأت بعض البورصات اتخاذ خطوات للحد من المخاطر، حيث أعلنت مجموعة سي إم إي عن رفع متطلبات الهامش على بعض عقود الفضة الآجلة في بورصة كومكس اعتبارًا من يوم الإثنين. هذا الإجراء يزيد من الضغوط على المتداولين، إذ سيُطلب منهم ضخ سيولة إضافية للإبقاء على مراكزهم المفتوحة، ما قد يدفع بعض المضاربين إلى تقليص أو إغلاق مراكزهم.

هوس عقود الخيارات وتكاليف الاقتراض

من المؤشرات الواضحة على الحمى المضاربية الارتفاع الكبير في الإقبال على عقود خيار الشراء، سواء على عقود الفضة الآجلة أو على الصناديق المتداولة المرتبطة بها. هذه العقود تمنح المشتري الحق في شراء الأصل بسعر محدد مسبقًا، وتُعد وسيلة منخفضة التكلفة نسبيًا للمراهنة على صعود الأسعار. ففي صندوق آي شيرز للفضة، وهو أكبر صندوق متداول للفضة في العالم، بلغ حجم التداول على عقود خيار الشراء أعلى مستوى له منذ عام 2021 خلال الأسبوع الماضي. كما ارتفعت تكلفة شراء هذه العقود مقارنة بعقود خيار البيع، التي تُستخدم للتحوط من الهبوط، إلى مستويات تاريخية خلال شهر ديسمبر.

تأثير الرسوم الجمركية على المعروض

على صعيد آخر، وبسبب صفقات مرتبطة بالرسوم الجمركية، لا يزال جزء كبير من المعروض العالمي من الفضة مكدسًا في مستودعات نيويورك. في الوقت ذاته، تترقب الأسواق نتائج تحقيق أمريكي بموجب المادة 232 بشأن المعادن الحيوية، والذي قد يفضي إلى فرض رسوم أو قيود تجارية جديدة على الفضة. هذا التدفق الكبير للفضة إلى الولايات المتحدة أدى إلى حدوث اختناق حاد في سوق لندن خلال شهر أكتوبر، ولا تزال تكاليف الاقتراض هناك أعلى بكثير من مستوياتها الطبيعية القريبة من الصفر، ما مهد الطريق لمزيد من التقلبات والارتفاعات السعرية المفاجئة.

تغير المعادلات في سوق المعادن النفيسة

شهدت المعادن النفيسة عمومًا ارتفاعًا قويًا في الطلب الاستثماري هذا العام، مدعومة بتراجع الدولار الأمريكي، والتحركات الحادة للرئيس دونالد ترامب لإعادة تشكيل التجارة العالمية، إضافة إلى المخاوف المتعلقة باستقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي. كان الذهب أول من انطلق صعودًا، مستفيدًا من عمليات شراء قوية من قبل البنوك المركزية حول العالم. ويرى بعض مراقبي السوق قاعدة غير مكتوبة مفادها أن تحرك الذهب بقوة في اتجاه معين غالبًا ما يدفع الفضة إلى التحرك بالاتجاه نفسه ولكن بضعف المسافة، وهو ما تحقق بالفعل هذا العام.

نسبة السعر بين الذهب والفضة

كما يراقب العديد من المستثمرين نسبة السعر بين الذهب والفضة، والتي تجاوزت في بداية العام مستوى 100 مقابل 1 بعد الصعود الأولي للذهب، ما اعتبره البعض إشارة قوية لشراء الفضة. إلا أن هذه النسبة تراجعت سريعًا خلال الأسابيع الأخيرة، في إشارة إلى تغير التوازن بين المعدنين في الأسواق العالمية.