مع اقتراب الساعات الأخيرة من شهر ديسمبر، يستقبل المصريون رأس السنة الميلادية بطرق متنوعة تعكس تنوعهم الاجتماعي والثقافي، وتظهر في الوقت نفسه حالة عامة تجمع بين الرغبة في الفرح والحذر من الأعباء المعيشية المتزايدة، وبين احتفالات بسيطة داخل المنازل أو تجمعات محدودة مع الأصدقاء، يبقى الأمل في عام جديد أفضل حاضرًا في أحاديث المواطنين.
تغير مظاهر الاحتفال
تغيرت مظاهر الاحتفال كثيرًا خلال السنوات الأخيرة، كما أشار أحمد محمود، موظف يبلغ من العمر 35 عامًا، قائلاً: “لم تعد الاحتفالات كما كانت من قبل، فالكثيرون باتوا يفضلون البقاء في أماكن قريبة أو الاكتفاء بجلسة بسيطة مع الأصدقاء، لكن الشعور ببداية عام جديد لا يزال موجودًا”.
المناسبة النفسية
ترى منى عبدالسلام، 28 عامًا، أن رأس السنة تمثل مناسبة نفسية في المقام الأول، وتحرص على استقبال العام الجديد في أجواء هادئة داخل المنزل، معتبرة إياها فرصة لوضع أهداف جديدة ومراجعة ما تحقق خلال العام الماضي، بعيدًا عن الصخب.
اللمة العائلية
داخل البيوت المصرية، لا تزال اللمة العائلية تحتفظ بمكانتها، حيث تؤكد أم محمد، ربة منزل تبلغ من العمر 57 عامًا، أن التجمع الأسري للأبناء والأحفاد هو جوهر الاحتفال بالنسبة لها، قائلة: “رأس السنة بالنسبة لنا اجتماع العائلة على مائدة واحدة، وتبادل الأحاديث والذكريات، قد لا تكون هناك مظاهر احتفال كبيرة، لكن الدفء العائلي يعوض كل شيء”.
رؤية الشباب
يعبر الشباب عن رؤيتهم الخاصة للمناسبة، حيث يوضح يوسف عادل، طالب جامعي يبلغ من العمر 22 عامًا، أن الاحتفال لم يعد مرتبطًا بالخروج فقط، موضحًا أنه لا يفضل الخروج في هذه الأوقات نظرًا للزحام الكبير في الطرق والمواصلات، فيقوم بمتابعة العد التنازلي عبر شاشات التلفزيون أو الهواتف المحمولة، ومشاهدة الاحتفالات في دول أخرى، مضيفًا: “أحيانًا نخرج للتنزه قليلًا، لكن الأهم هو الشعور بالمشاركة”.
محطة للتأمل
يتعامل بعض المواطنين مع رأس السنة باعتبارها محطة للتأمل ومراجعة الذات، حيث تقول نهى صلاح، معلمة تبلغ من العمر 41 عامًا: “أتعامل مع بداية العام الجديد كفرصة للتفكير في الأخطاء وتصحيح المسار، وأحرص على بدء السنة دون خلافات، وبقدر أكبر من الهدوء النفسي”.
تأثير الأوضاع الاقتصادية
تظهر الأوضاع الاقتصادية تأثيرها على طبيعة الاحتفال، فمع ارتفاع تكاليف المعيشة، اضطر الكثير من المواطنين للتنازل عن مثل هذه الرفاهيات، ويشير حسام السيد، صاحب محل تجاري يبلغ من العمر 45 عامًا، إلى أنه لم يعد من السهل الإنفاق على احتفالات كبيرة لدى الكثير من الأسر، لكن الناس تحاول خلق أجواء فرح بسيطة تتناسب مع إمكانياتها.
الشكر والدعاء
يرى البعض أن الاحتفال بعام جديد يجب أن يكون بشكر الله على ما سبق، ودعوته لما هو قادم، حيث تقول صباح أحمد إنها اعتادت منذ سنوات أن تبدأ العام الجديد بصلاة ركعتين لله، وشكره على كل ما منحها إياه خلال العام الماضي، والدعاء لما تتمناه في عامها الجديد.
دور وسائل التواصل الاجتماعي
تلفت سارة حسن، صانعة محتوى تبلغ من العمر 30 عامًا، إلى الدور المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل مظاهر الاحتفال، قائلة: “أصبحت التهاني الرقمية جزءًا أساسيًا من الاحتفال، من خلال الصور والرسائل والمنشورات، وهو شكل جديد للتواصل قد لا يعوض اللقاء المباشر، لكنه يخلق شعورًا بالمشاركة”.
مظاهر الاحتفال في الشوارع
في شوارع وسط القاهرة، تبدو مظاهر الاحتفال أقل صخبًا مقارنة بسنوات سابقة، إلا أن بعض المحال والمقاهي تحرص على تزيين واجهاتها بإضاءات بسيطة، فيما تتردد الموسيقى في بعض الأماكن، في محاولة لبث أجواء احتفالية تتماشى مع المزاج العام.
أمنيات مشتركة
بين البساطة والواقعية، يستقبل المصريون عامًا جديدًا بأمنيات مشتركة تتجاوز مظاهر الاحتفال، في مقدمتها الاستقرار، وتحسن الأوضاع المعيشية، وحياة أكثر هدوءًا، ورغم اختلاف طرق الاحتفال، يبقى الأمل في الغد هو الرابط الأهم الذي يجمع الجميع مع بداية كل عام جديد.
