في أيلول 2025، بلغ عدد الحسابات التي تحتوي على أقل من 100 ألف دولار نحو 782 ألف حساب، بإجمالي ودائع يصل إلى 14.8 مليار دولار، وفقًا لأرقام رسمية تم عرضها في الجلسات الأخيرة لمجلس الوزراء. بالمقابل، هناك 145 ألف مودع يمتلكون ما يقرب من 67.4 مليار دولار في حساباتهم التي تتجاوز هذا السقف.
وفقًا لمشروع الحكومة للانتظام المالي واسترداد الودائع، سيتم دفع 100 ألف دولار لكل مودع، مما يعني تسديد 14.8 مليار دولار، بالإضافة إلى بضعة مليارات أخرى غير محددة بدقة، لكن يُعتقد أن تكلفتها قد لا تتجاوز 3 مليارات دولار. تشير إحصاءات مصرف لبنان إلى أن الغالبية العظمى من الودائع تقع تحت سقف الـ100 ألف دولار، بينما تتركز الكتلة الأساسية من حجم الودائع لدى شريحة أصغر عدداً ولكنها أكثر ثراءً.
توزيع الودائع
حوالي 84% من الحسابات تمثل سدس الكتلة الإجمالية، بينما 16% من الحسابات تحتفظ بأكثر من أربعة أخماسها. يظهر ذلك خلفية القانون الذي أقرته الحكومة، حيث تسعى لمعالجة سريعة لشريحة واسعة عددياً، مع ترحيل المشكلة إلى شريحة أضيق ولكنها أكثر حساسية من الناحية المالية.
فئة المتقاعدين
من بين المودعين الذين تتجاوز ودائعهم 100 ألف دولار، هناك عدد كبير من المتقاعدين من القطاع العام والسلك العسكري، حيث يبلغ مجموع حساباتهم 36.3 مليار دولار. هذه الأموال تمثل تعويض نهاية خدمتهم، وغالبًا ما يعتمدون عليها لإعالتهم بعد التقاعد، في ظل نظام يفتقر إلى التغطية الصحية أو نظام شيخوخة.
التحديات الحكومية
تعتبر هذه الفئة منظمة ضمن نقابات وروابط، مما يشكل تحديًا أمام الحكومة التي تعتقد أنها تخلصت من الضغط عبر “تسكير الحساب” مع العدد الأكبر من المودعين. ومع ذلك، فإن كلفة 14 مليار دولار لتسديد الـ100 ألف دولار للمودعين الذين لديهم حسابات أقل من هذا المبلغ ليست بسيطة، حيث يتجاوز هذا الرقم حجم السيولة بالعملات الأجنبية المعلنة لدى مصرف لبنان.
إعادة هيكلة الودائع
القانون يحاول معالجة هذه القضية عبر تقسيم الودائع إلى شرائح زمنية وأدوات مختلفة. الودائع التي لا تتجاوز 100 ألف دولار يُفترض تسديدها خلال أربع سنوات، بينما تُعاد هيكلة ما تبقى من الودائع عبر آجال طويلة وأدوات مرتبطة بالأصول. يبدو هذا الترتيب منطقيًا لحماية “الصغار” أولاً وتأجيل “الكبار”، لكن الواقع أكثر تعقيدًا.
الاعتراضات المحتملة
بينما قد تمر إعادة هيكلة ودائع كبار رجال الأعمال بهدوء نسبي، فإن المساس بودائع المتقاعدين العسكريين وموظفي القطاع العام قد يفتح الباب أمام اعتراض منظم وفعّال. هذه الفئات تمتلك خبرة في الضغط، وشبكات تمثيل، وقدرة على تحويل اعتراضها إلى أزمة سياسية.
اختبار الحكومة
الحكومة تواجه اختبارًا لقدرتها على تأمين سيولة حقيقية لتنفيذ وعودها، بالإضافة إلى إدارة تحديات اجتماعية وسياسية مع فئات منظمة ترى في القانون انتقاصًا من حقوقها.
