تنضم بلغاريا إلى منطقة اليورو الخميس المقبل، لتصبح الدولة الـ21 التي تعتمد العملة الأوروبية الموحدة، في خطوة تثير مخاوف البعض من تفاقم التضخم وعدم الاستقرار السياسي. خلال الصيف، ظهرت حركة احتجاجية تطالب بالإبقاء على الليف البلغاري كعملة وطنية، يقودها أحزاب يمينية متطرفة وموالية لروسيا، تستغل مخاوف المواطنين من ارتفاع الأسعار. في المقابل، يرى المؤيدون أن دخول منطقة اليورو سيحقق فوائد اقتصادية كبيرة، حيث إن نحو 70% من صادرات البلاد موجهة إلى دول تستخدم العملة الأوروبية.

فوائد اقتصادية محتملة

بالنسبة للحكومات المتعاقبة التي سعت إلى تبني اليورو، فإن الانتقال إلى العملة الأوروبية الموحدة سيعزز اقتصاد أفقر دولة في الاتحاد الأوروبي، ويقوي علاقاتها مع أوروبا الغربية، ويحميها من النفوذ الروسي. قبل بلغاريا، كانت كرواتيا آخر دولة تتبنى العملة الموحدة في عام 2023، والتي تم طرحها رسميًا في 1 يناير 2002 في 12 دولة من دول الاتحاد الأوروبي.

التحديات السياسية والاجتماعية

تواجه بلغاريا، الدولة البلقانية التي يبلغ عدد سكانها 6.4 ملايين نسمة، تحديات جسيمة بعد الاحتجاجات المناهضة للفساد التي أدت إلى الإطاحة بالحكومة الائتلافية المحافظة، التي لم تمضِ على توليها السلطة سوى أقل من عام، مع احتمال إجراء انتخابات برلمانية جديدة ستكون الثامنة في غضون 5 سنوات. في ظل هذا الوضع غير المستقر، ترى بوريانا ديميتروفا من معهد ألفا لاستطلاعات الرأي أن أي مشكلة تتعلق باعتماد اليورو قد تُستغل من قبل السياسيين المناهضين للاتحاد الأوروبي.

آراء المواطنين حول اليورو

وفقًا لأحدث استطلاع رأي أجرته وكالة يوروباروميتر التابعة للاتحاد الأوروبي، يعارض 49% من البلغاريين اعتماد العملة الموحدة، ويبرز هذا القلق بشكل خاص في المناطق الريفية الفقيرة. بيليانا نيكولوفا، التي تدير متجراً للبقالة في قرية تشوبريني، أعربت عن مخاوفها قائلة: “سترتفع الأسعار، هذا ما أخبرني به أصدقائي المقيمون في أوروبا الغربية”.

التأثيرات الاقتصادية المتوقعة

بعد التضخم المفرط في التسعينيات، ربطت بلغاريا عملتها بالمارك الألماني ثم باليورو، مما جعلها تعتمد على السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي دون أن يكون لها رأي في هذا الشأن. وفقًا لجورجي أنجيلوف، كبير الاقتصاديين في معهد المجتمع المفتوح في صوفيا، فإن “بلغاريا ستتمكن أخيرًا من المشاركة في القرارات داخل الاتحاد النقدي”.

توقعات البنك المركزي الأوروبي

أكدت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، أن المكاسب من اعتماد اليورو ستكون “كبيرة” على بلغاريا، مشيرة إلى تسهيل التجارة وانخفاض تكاليف التمويل واستقرار الأسعار. كما أشارت إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة قد توفر ما يعادل نحو 500 مليون يورو من رسوم صرف العملات الأجنبية. من المتوقع أن تستفيد السياحة بشكل خاص من اليورو، حيث أسهم القطاع بنحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.

مخاوف من ارتفاع الأسعار

على الرغم من الفوائد المحتملة، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 5% على أساس سنوي في نوفمبر، أي أكثر من ضعف متوسط منطقة اليورو، كما قفزت أسعار العقارات بنسبة 15.5% في الربع الثاني، أي ثلاثة أضعاف متوسط منطقة اليورو. في محاولة لطمأنة الرأي العام، عزز البرلمان هيئات الرقابة المسؤولة عن التحقيق في الزيادات المفاجئة في الأسعار وكبح أي زيادات “غير مبررة” مرتبطة بالتحول إلى اليورو.

أهمية الاستقرار السياسي

وفقًا لجورجي أنجيلوف، فإن الانضمام إلى منطقة اليورو سيزيد من الشفافية ويساعد المستهلكين وتجار التجزئة على مقارنة الأسعار مع أسعار بقية دول الاتحاد الأوروبي، لكن التحدي يكمن في وجود حكومة مستقرة لمدة عام أو عامين على الأقل، حتى يمكن جني ثمار الانضمام إلى منطقة اليورو بالكامل.