غيب الموت المخرج المصري داوود عبد السيد، عن عمر ناهز 79 عامًا، بعد صراع مع المرض، ويُعتبر من أبرز عناصر السينما الواقعية والاجتماعية في جيله. يرى بعض النقاد أن المخرج الراحل كان يمثل جزءًا مهمًا من تاريخ الفن السينمائي في مصر والعالم العربي، حيث تتميز أفلامه بقربها من شخصيات المجتمع العادية، وترتبط موضوعاته بهموم الناس وقضاياهم مثل الظلم الاجتماعي والبيروقراطية.

بداياته المهنية

وُلد داوود عبد السيد في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1946، وتخرج في المعهد العالي للسينما عام 1967، وبدأ حياته المهنية كمساعد مخرج في بعض الأفلام، مثل “الأرض” ليوسف شاهين و”الرجل الذي فقد ظله” لكمال الشيخ. رغم عمله مع كبار المخرجين، إلا أنه رفض الاستمرار في مهنة مساعد الإخراج، مشيرًا إلى أنها تتطلب تركيزًا شديدًا في موضوعات لا تمس الجانب الإبداعي للفنان.

أفلامه الأولى

بدأ داوود عبد السيد مسيرته مع “الفن السابع” من خلال بعض الأفلام التسجيلية، مثل “وصية رجل حكيم في شؤون القرية والتعليم” عام 1976، و”العمل في الحقل” عام 1979، و”عن الناس والأنبياء والفنانين” عام 1980. أخرج أول أفلامه السينمائية “الصعاليك” عام 1985، والذي استقبله الجمهور بحفاوة، حيث عرض قصة صعود اثنين من اللصوص ليصبحا من نجوم المجتمع.

أبرز أعماله

من بين أفلامه الروائية الشهيرة “البحث عن سيد مرزوق” عام 1991، و”الكيت كات” عام 1991، و”سارق الفرح” عام 1993، و”أرض الخوف” عام 2000، و”مواطن ومخبر وحرامي” عام 2001، و”رسائل البحر” عام 2010، و”قدرات غير عادية” عام 2015.

التكريمات والجوائز

حظيت أعمال داوود عبد السيد بالعديد من التكريمات المحلية والدولية، حيث حصل فيلمه الأول “الصعاليك” على جائزة تقديرية من مهرجان أسوان الأكاديمي عام 1985، كما نال فيلم “أرض الخوف” جائزة الهرم الفضي من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. حصل أيضًا على جوائز أفضل فيلم وأفضل إخراج من مهرجان جمعية الفيلم عام 1999، وجائزة أفضل فيلم وأحسن إخراج عن فيلم “مواطن ومخبر وحرامي” عام 2001.

بصمته الفنية

يقول الناقد السينمائي المصري طارق الشناوي إن أفلام داوود عبد السيد تحمل بصمته الخاصة ونبضه الإنساني الواضح، حيث قدم 9 أفلام روائية عكست إحساسه ورؤيته الفنية المتفردة، مما جعله واحدًا من أهم المخرجين في تاريخ السينما المصرية. يعتبر فيلم “أرض الخوف” من أكثر أفلامه تحقيقًا للنجاح الجماهيري، ويعيد قراءة أفكاره ويكشف عن عمقه الفلسفي.

قرار الاعتزال

أعلن المخرج الراحل اعتزاله الإخراج السينمائي في نهاية عام 2021، مشيرًا إلى أنه لم يتخذ وقتًا طويلًا للتفكير في القرار، حيث شعر أنه أدى رسالته الفنية عبر أعماله منذ سبعينيات القرن الماضي. أثار هذا القرار ردود فعل كبيرة في الأوساط السينمائية والشعبية، حيث قال “لم أكن أعرف أن خبر اعتزالي سيحدث كل هذه الضجة”.