تشهد السوق الإماراتية حالياً زيادة ملحوظة في عدد الشركات المالية المرخصة، المعروفة بشركات الـ«فينتك»، التي تقدم قروضاً سريعة أو «سُلفاً نقدية فورية»، أو ما يُعرف بـ«القروض الرقمية»، حيث يتمكن المتعاملون من الحصول على القرض خلال ساعة واحدة، شريطة تقديم المستندات المطلوبة.

تتنافس هذه الشركات عبر تطبيقاتها الذكية للاستحواذ على أكبر حصة من المتعاملين، خاصة من فئة الشباب وطلبة الجامعات وذوي الدخل المحدود الذين تقل رواتبهم عن 5000 درهم، من خلال تقديم قروض وسُلف بإجراءات سهلة، دون الحاجة إلى سجل ائتماني أو تحويل راتب، أو حتى وجود دخل شهري ثابت، إذ يكفي أن يكون عمر المتعامل فوق 20 سنة، ولديه هوية سارية المفعول، وحساب بنكي، ورقم هاتف شخصي للتسجيل والتحقق.

رفض التعليق من الشركات

رفض مسؤول كبير في أحد التطبيقات الأكثر شهرة في «الإقراض الرقمي» بالإمارات التعليق أو الإجابة على استفسارات «الإمارات اليوم» حول هذه القضية، رغم التواصل معه على مدار ثلاثة أيام متواصلة، ووعود متكررة بالتعاون والرد.

شكاوى العائلات

شكا عدد من العائلات وأولياء أمور طلبة جامعيين من اقتراض أبنائهم المال من تطبيقات مسجلة داخل وخارج الدولة، حيث تتقاضى رسوماً مرتفعة، مما يؤدي إلى تعثر مالي للطلبة. وفقاً لعدد من أولياء الأمور، تقوم الشركات المالكة لهذه التطبيقات بتحويل أرقام هواتفهم الخاصة مع أرقام هواتف أبنائهم إلى «شركات تحصيل»، التي تطاردهم باتصالات يومية، بحجة أن الأبناء وضعوا رقم أحد الوالدين كمرجع عند التعثر في السداد.

طالب أولياء الأمور بضرورة وضع ضوابط مشددة لهذه التطبيقات، تستلزم موافقة صريحة من ولي الأمر إذا كان المقترض طالباً جامعياً وليس له دخل ثابت.

تجارب المقترضين

يرى مقترضون من ذوي الدخل المحدود (2000 درهم وأقل من 5000 درهم) أن هذه التطبيقات تمثل الحل السريع الوحيد للحصول على تمويل للطوارئ، حيث تشترط هذه التطبيقات صورة من عقد العمل فقط، وهوية إماراتية سارية المفعول، على عكس البنوك التي تتطلب ضمانات مثل تحويل الراتب أو كتابة شيكات.

قال أحد المتعاملين: «احتجت مبلغ 5000 درهم لإجراء عملية طارئة لوالدي، ورغم أن راتبي لا يتجاوز 3000 درهم شهرياً، حصلت على المبلغ من تطبيق شهير، رغم الرسوم الكبيرة».

التحديات المالية

أشار الخبير المصرفي والمالي، أمجد نصر، إلى أن انتشار تطبيقات التمويل السريع، خصوصاً بين الطلبة الجامعيين، يمثل تحدياً حقيقياً على مستوى الوعي والثقافة المالية، حيث إن الطالب غالباً لا يمتلك دخلاً ثابتاً، مما قد يؤدي إلى التزامات مالية غير محسوبة.

شدد نصر على أهمية وجود أطر تنظيمية وتشريعات واضحة لحماية هذه الفئة، خصوصاً لمن هم دون سن 21 عاماً، من خلال تشديد شروط الإقراض، وفرض شفافية أعلى في الإفصاح عن الكلفة الحقيقية للتمويل.

الجهود التنظيمية من المصرف المركزي

في خطوة مهمة، أصدر المصرف المركزي في ديسمبر 2023 نظاماً جديداً لتنظيم التسهيلات الائتمانية قصيرة الأجل، بهدف توفير إطار تنظيمي يضمن حماية المستهلك وتعزيز الاستقرار المالي.

شدد «المركزي» على أهمية أن تحتفظ الشركات بسجلات تثبت وجود آليات لمراقبة معالجة وحل الشكاوى المقدمة من المتعاملين.

التوجهات المستقبلية

اعتباراً من عام 2026، سيتم إلزام الشركات التي تقدم تمويلاً سريعاً عبر تطبيقاتها الذكية بتقديم معلومات عن المتعاملين معها، والاستعلام عنهم قبل منح التمويل، مما يسهم في تنظيم السوق وحماية حقوق الأطراف كافة.

أظهر مسح أجرته «الإمارات اليوم» اختلاف الشروط من شركة لأخرى، إلا أن هناك نقاطاً أساسية مشتركة في متطلبات الاقتراض الفوري، حيث تحتاج الهوية الإماراتية سارية المفعول ورقم هاتف شخصي للتسجيل، بالإضافة إلى حساب بنكي في الإمارات.

لا توجد حتى الآن إحصاءات رسمية عن حجم التمويل الممنوح من قِبَل شركات الإقراض الفوري، لكن الأرقام المتاحة تشير إلى ارتفاع كبير في قطاع شركات «فينتك» ككل، حيث زادت بنسبة 92% في عام 2023 مقارنة بعام 2022.