آلاء يوسف


نشر في:
الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 – 3:56 م
| آخر تحديث:
الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 – 3:56 م

التقى الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية وعضو اللجنة العليا للمصالحات بالأزهر الشريف، بشيوخ وعُمد ووجهاء مركز إسنا في محافظة الأقصر؛ بهدف دعم جهود الصلح المجتمعي، واستكشاف سُبل التعاون بين جميع الأطراف المعنية لتعزيز ثقافة التسامح ونبذ العنف، والعمل على إنهاء الخصومات الثأرية بين العائلات في مختلف محافظات الصعيد.

يأتي هذا اللقاء في إطار الحرص على توسيع دائرة الشراكة المجتمعية للقضاء على ظاهرة الثأر، تحت توجيه ورعاية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وتكثيف جهود اللجنة العليا للمصالحات برئاسة الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر.

وخلال اللقاء، أكد الدكتور الجندي أن الإمام الأكبر يشعر بآلام أهل الصعيد كأبٍ لأبنائه، ويستحضر معاناتهم جراء هذا الإرث الجاهلي الذي أنهك القلوب واستنزف الدماء، لذا يولي ملف المصالحات الثأرية اهتمامًا بالغًا؛ لما له من أثر عظيم في حقن الدماء، وحماية الأرواح، وترسيخ دعائم الأمن والاستقرار، ونشر قيم السلم المجتمعي التي دعا إليها الإسلام.

وحث الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية حكماء الصعيد والوجهاء على بذل المزيد من الجهود لإطفاء نيران الفتن، مؤكدًا أن مسؤوليتهم كبيرة؛ لأن صوت العقل ينقذ عشرات الأرواح، ويمنع سنوات طويلة من الدم والدموع، موضحًا أن اللجنة العليا للمصالحات بالأزهر الشريف تمد يدها إلى جميع الشرفاء من أبناء الصعيد، وتفتح أبوابها للتعاون الكامل مع الحكماء والوجهاء ولجان المصالحات الأهلية في ربوع الجمهورية؛ إيمانًا بأن الصلح مسؤولية دينية، وأن الحفاظ على الأرواح مقدم على كل اعتبار.

وشدد على ضرورة نشر المفهوم الحقيقي للصلح داخل مجتمعاتنا، مؤكدًا أنه ليس ضعفًا أو خنوعًا؛ بل هو قمة الحكمة، ودليل قوة العقل ورجاحة الرأي، وأن من يقدم الصلح والسلام على العصبية الجاهلية يسجل اسمه في سجل الشرفاء الذين حفظوا الأوطان من الانقسام، وحموا المجتمعات من الانزلاق إلى دوائر لا تنتهي من العنف والدمار؛ لأن الصلح يحقن الدماء، ويصون الكرامة، ويعيد الاستقرار، ويفتح أبواب المستقبل أمام الأجيال المقبلة.

وبين أن ما يشتهر به أهل الصعيد من شهامة ومروءة لا ينسجم إلا مع ثقافة العفو والصلح، بوصفهما عنوان القوة والحكمة وحفظ الكرامة، أما عادة الثأر فهي دخيلة على ثقافة أهل الصعيد الأصيلة، ولا تمت لقيمهم النبيلة بصلة، ومن الواجب التخلص منها؛ لأنها لا تمثل تاريخهم ولا حاضرهم، ولا تخدم مستقبل أبنائهم، بل تجر المجتمع إلى دوائر من الألم والخسارة لا طائل منها.

ووجه الدكتور محمد الجندي رسالةً إلى أبناء الصعيد المقيمين خارج محافظاتهم أو خارج مصر، دعاهم فيها إلى القيام بدورهم في دعم جهود المصالحات، من خلال توعية أهليهم بخطورة الثأر وآثاره المدمرة في حياة الأسر والمجتمع، وما يترتب عليه من فقدانٍ للأرواح، وضياعٍ للاستقرار، وتعطيلٍ لمصالحهم، مؤكدًا أن أبناء الصعيد في الخارج يمتلكون وعيًا واسعًا وتجارب إنسانية وحياتية عميقة، تؤهلهم لنقل صورة واقعية لمستقبل آمن لا يُبنى إلا على التصالح والتسامح وسيادة القانون؛ حتى لا يتركوا أهلهم فريسةً لصوت الغضب والعصبية العمياء.

واختتم اللقاء بتوجيه رسالة إلى جميع لجان المصالحات بمحافظات الجمهورية، بضرورة التنسيق والتواصل مع الأزهر الشريف؛ بما يُساهم في نشر قيم السلام والمحبة، وترسيخ ثقافة الحوار والتفاهم، وبناء مجتمع متماسك يسوده الأمن والتراحم، ويحمي الأسر من آثار النزاعات والصراعات، لافتًا إلى أن جهود المصالحات هي استثمار دائم في استقرار الوطن، وصون الكرامة الإنسانية، وغرس قيم التعايش والرحمة بين الجميع.