بشكل غير متوقع، ظهرت فكرة تحديات-الداخلية-لمليشيا/">الانفصال في اليمن وأصبحت محور الحديث في الإعلام، وبدأ واضحًا أن هناك من يسعى لتفكيك اليمن الموحد واستبداله بصورة جديدة تفصل بين الشمال والجنوب، الحقيقة أن العالم والمنطقة ليست مستعدة لقبول أي حدود جديدة، والتجارب التي تحدثت عن نجاح انفصالها لا يمكن تسويقها بسهولة في القضية اليمنية، لذا من المهم فهم أن الوضع الجيوسياسي لليمن لا يمكنه التعامل مع هذه الأزمة في ظل سيطرة الحوثي والصراعات المستمرة بين الأطراف التي لا تسعى سوى لتحقيق استقرار اليمن وإخراج الحوثي منه.
المنظور الجيوسياسي في اليمن ليس سهل التغيير، فالصورة الجيوسياسية مرتبطة بالمنطقة بأكملها وخاصة بالمملكة العربية السعودية، والدوافع التي ظهرت رغم انتشارها على الساحة الدولية والتفسيرات المرتبطة بها تشير إلى وجود محاولات للانقلاب على الوحدة اليمنية، كل هذه التحركات لا يمكن أن تحقق إنجازًا سياسيًا في هذه المنطقة الاستراتيجية التي ظلت محصنة من التدخلات لسنوات طويلة.
فكرة الانفصال تحمل دوافع معلنة وأخرى خفية، ولا يمكن كشفها إلا من خلال تحليل المخاطر الاستراتيجية، هذا التحليل يشير إلى أن المخاطر واضحة، ورغم ذلك، أكدت التصريحات السعودية في أكثر من مناسبة أن قضية الجنوب هي قضية عادلة لا يمكن تجاهلها، فهي موجودة في مخرجات الحوار الوطني وأي تسوية سياسية قادمة ضمن الحلول التي تسعى لتحقيق السلام الشامل في اليمن.
التكتيكات على الأرض ومحاولات الخروج من الضغوط السياسية لن تكون سهلة لتحقيق فكرة الانفصال، والحقيقة التي لا تُتناول إعلاميًا تؤكد وجود رفض دولي كبير لهذا الطرح الخطير، فالحالة السياسية في اليمن تخضع لتصورات إقليمية ودولية وضعت منذ سنوات طرق الحل المناسبة، لذا فإن أي خروج عن هذا السيناريو سيكون مخاطرة مباشرة تؤثر على تثبيت تلك الحلول والسعي نحو يمن موحد ومستقر، كما أن الحقيقة تقول إن الأرض في اليمن لا تتجه نحو خيارات غير موثوقة، فالقوى المتعددة على الأرض أصبحت تدرك تباين الأهداف ومن منها جاء من الداخل ومن منها عابر للحدود.
الصورة واضحة أن فكرة الانفصال محاطة بالمخاطر ليس فقط على اليمن بل على المنطقة بأسرها، وعند العودة إلى التحليلات السياسية في الجزيرة العربية، نجد أن اللجوء للخيار العسكري في الانفصال يمثل تهديدًا أكبر مما يُصوّر، كما أن فكرة الانفصال لن تتجاوز كونها إعادة لتعريف الفوضى، ومن هنا لن يُسمح بفرض واقع جديد في اليمن لأن المخاطر الاستراتيجية كبيرة، وأقل آثارها الجانبية هو تهديد دور الحكومة الشرعية والمسار السياسي لإنقاذ اليمن من أزمته.
التصور البسيط لفكرة الانفصال يتجاوز الحقائق القاسية، فالانفصال ليس مجرد شعار إعلامي يمكن فرضه، فالذين يفكرون في الانفصال أو يدعمونهم لا يمكنهم توفير متطلبات المنطقة التي يرغبون في انفصالها، مما يعني أزمة صراع داخلي لن تكون النهاية الحالمة، وقد أظهرت التحليلات الاستراتيجية أن هناك الكثير من الأزمات والآثار الجانبية للحالة الانفصالية، ومنها دخول قوى معادية للأمة العربية والإسلامية إلى الجزيرة العربية، بجانب الفرص لنشوء اختلالات بين القوى الإقليمية وتصدعات في توازنات القوى في القرن الأفريقي.
الجهود السعودية مكثفة وجادة، فتثبيت دور الحكومة الشرعية وحماية الفضاء الاستراتيجي السعودي ووحدة اليمن كلها خيارات ثابتة لا يمكن نسفها، ولكن يمكن الحوار داخلها من خلال استيعاب القوى المتعددة بكل أطيافها دون تمييز، وحفظ الحقوق في إطار سياسي متوازن يؤكد أن كل قضية جانبية في اليمن هي قضية عادلة يمكن حلها في إطار شامل يهم اليمن الكبير وليس عبر الانشقاق وتوسيع الأزمة، النظام العالمي اليوم بقيادة أميركا الذي نجح في التهدئة في غزة والمنطقة يهمه ألا ينزلق اليمن إلى مسار حرب أهلية أو فوضى قد تغير الصورة الجيوسياسية في المنطقة والقرن الأفريقي.
نقلا عن السعودية نيوز.

التعليقات