في خطوة تعقد المشهد الإعلامي والسياسي في جنوب اليمن، أعلنت وسائل إعلام تابعة لمليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي، اليوم الأحد، عن إطلاق ما أسمته “وكالة عدن للأنباء”، معتبرة إياها المنصة الإعلامية الرسمية الوحيدة للمشروع الانفصالي.

وجاء الإعلان على لسان صلاح العاقل، نائب وزير الإعلام في التشكيل الوزاري التابع للانتقالي، الذي أكد – وفق بيانهم – أن الوكالة ستكون “صوت الجنوب الرسمي” لنقل ما أسماه “الحقيقة” وتمثيل تطلعات الشعب الجنوبي، وتأتي هذه التصريحات في إطار جهود مكثفة من قيادات الانتقالي لبناء هياكل إدارية تمنح مشروعهم مظهر الدولة المستقلة.

أداة دعائية أم مؤسسة إعلامية؟

يثير هذا التدشين جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، حيث يرى مراقبون أن هذه الخطوة لا تتجاوز كونها أداة دعائية جديدة تضاف إلى ترسانة الانتقالي الإعلامية، بهدف تكريس روايته السياسية ومحاولة فرضها على الساحة المحلية والإقليمية، فالادعاء بتمثيل “تطلعات الشعب الجنوبي” يتعارض مع واقع الانقسام والرفض الذي يواجهه مشروع الانتقالي في أوساط واسعة من المجتمع الجنوبي.

تأتي مبادرة إنشاء الوكالة في ظل غياب أي شرعية دستورية أو قانونية، حيث تعمل مليشيات الانتقالي كقوة أمر واقع على الأرض، وتسعى الآن لترجمة هذا النفوذ العسكري إلى حضور إعلامي مؤسسي، الهدف المعلن، وهو “تعزيز الحضور الإعلامي إقليمياً ودولياً”، يُفهم على أنه محاولة لتقديم الانتقالي كشريك سياسي فاعل وممثل شرعي للجنوب، متجاوزاً بذلك الشرعية اليمنية الموحدة.

تأسيس “دولة” داخل الدولة.

يُنظر إلى إطلاق “وكالة عدن للأنباء” على أنه جزء من سلسلة طويلة من الإجراءات التي اتخذها الانتقالي لتأسيس كيانات شبه دولية، مثل إنشاء وزارات ومصالح حكومية خاصة، وسك عملة، وتشكيل قوات أمنية، ويمثل الإعلام في هذا السياق واجهة أساسية لتسويق هذا المشروع واكتساب التعاطف الدولي، خاصة مع تصعيد الخطاب الانفصالي في الفترة الأخيرة.

في النهاية، لا يمثل تدشين الوكالة مجرد حدث إعلامي، بل هو تطور استراتيجي يعكس أطماع المجلس الانتقالي في ترسيخ انفصاله، واستخدام الإعلام كأداة حاسمة في معركته السياسية ضد الدولة اليمنية، مما يثير تساؤلات كبيرة حول مستقبل الإعلام الحر والمستقل في المناطق الخاضعة لنفوذ المليشيات.