ليست فقط أحوال الناس هي التي ستتدهور أو سيعانون في معيشتهم ويختبرون في أرزاقهم، بل أيضًا أخلاقهم ستسوء ويغوصون في وحل الزمن، دوائر العنف قاتلة تبدأ بالآخر، بالبراني، بالمختلف، وتستسهل قتله وهدر دمه واستباحة ماله، ثم تضيق الدائرة وتأكل أبناءها، سيصل الحال باليمنيين إلى وأد بناتهم، وأد مادي ومعنوي، إما دفن في التراب أو دفن في العبودية المبطنة، لأن بوصلة الشرف انحرفت، الانهيار الحالي أكبر من أن يُقاس بالمؤشرات والأرقام، لأن الجزء الأصيل منه هو هدر كرامة الإنسان، طالما أن الكرامة صون للحياة، وما دون ذلك من ألقاب الشرف أو قيود السلوك أو فنق المظهر هي مجرد ادعاء، الحرب تنتج تفاوت في الملكية والقوة، لكنها أول ما تنتج قانون الغاب: القوي يأكل الضعيف، ومن استطاع أن يقتص لنفسه فعل، وحدها الدولة قادرة على الاستحواذ على شرعية احتكار العنف وتوظيفه لحفظ الناس من بعضهم، فإذا انهارت، تداع جدار السلم والسلام، هذه الحروب التي لا إطار وطني لها غير العودة إلى الماضي ولا قيد قانوني يحدها غير الثأر والحقد ستعيد اليمن مئات السنين إلى الوراء، إلى الفقر والجهل والمرض، سيمتلك الناس أحدث التقنيات لكنهم سيستخدمونها لأرذل الأفعال، سيتغلف المجتمع ببطانة سميكة من النفاق، وسيزداد عدد المشتغلين بالوعظ، وزيادتهم تتوافق مع فساد المجتمع، وكلما زاد عددهم، وقع المجتمع في قعر الرذيلة، وكلما علت نبرتهم، تفشت الأمراض الاجتماعية، لأن المجتمع أصيب بلوثة.

التعليقات