ضربت فيضانات مفاجئة مدينة آسفي المغربية، مما أعاد طرح سؤال مهم حول كيفية تعامل السلطات المغربية مع هذه الكارثة، حيث تحولت أمطار غزيرة إلى سيول جارفة اجتاحت مناطق واسعة من المدينة الساحلية، وأسفرت الكارثة التي وقعت يوم الأحد 14 ديسمبر عن وفاة 37 شخصاً، بالإضافة إلى عشرات الجرحى والمفقودين، فضلاً عن أضرار مادية كبيرة طالت المنازل والمحلات والبنية التحتية.
مشاهد صادمة في شوارع المدينة
وثقت مقاطع وصور متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي لحظات عصيبة عاشها سكان آسفي، حيث اجتاحت المياه الموحلة الشوارع الضيقة، وجرفت السيارات والنفايات، وغمرت المياه البيوت القديمة بالكامل، وتحركت فرق الوقاية المدنية بقوارب مطاطية وسط الأحياء المتضررة، في محاولة للوصول إلى السكان العالقين داخل منازلهم، في مشهد وصفه كثيرون بأنه غير مسبوق في تاريخ المدينة الحديث.
تفسير علمي للأمطار الاستثنائية
أجمع مختصون في الأرصاد الجوية على أن حجم الدمار لم يكن مرتبطاً بمدة هطول الأمطار، بل بغزارتها الكبيرة خلال فترة قصيرة، وأشار الخبراء إلى أن المدينة تفتقر إلى بنية تصريف قادرة على استيعاب هذا الكم من المياه، خصوصاً في المناطق التي لا تسمح طبيعتها الجغرافية بانسياب السيول بسهولة، مما زاد من حجم الخسائر ووسع نطاق الكارثة.
تحقيق قضائي لتحديد المسؤوليات
رغم الاعتراف الرسمي بأن ما شهدته آسفي يُصنف ككارثة طبيعية، أعلنت النيابة العامة فتح تحقيق قضائي موسع للوقوف على ملابسات ما حدث، وأكد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بآسفي أن البحث يُجرى بتنسيق مع الشرطة القضائية، بهدف تحديد الأسباب الحقيقية للكارثة والكشف عن أي مسؤوليات محتملة، مع التأكيد على أن النتائج ستُعلن فور انتهاء التحقيقات.
اتهامات بالتقصير وشبهات فساد
تزايدت انتقادات سكان آسفي للسلطات المحلية، متهمين إياها بالتأخر في عمليات الإنقاذ وشفط المياه، كما طُرحت اتهامات تتعلق بوجود فساد في قطاع البناء، خاصة ما يخص تشييد مبانٍ فوق مجرى وادٍ يُستخدم لتصريف مياه الفيضانات، ويرى منتقدون أن منح تراخيص البناء في هذه المناطق ساهم في عرقلة مسار السيول، مما أدى إلى ارتداد المياه نحو الأحياء السكنية.
وعود رسمية لتفادي التكرار
في رد رسمي، أعلنت السلطات المحلية أنها تدرس تغيير مسار الوادي لتفادي تكرار المأساة، وأوضح رئيس جماعة آسفي أن منسوب مياه الأمطار بلغ مستويات لم تُسجل منذ نحو قرن، مؤكداً أن لجنة اليقظة تعمل حالياً على إعداد حلول تقنية وهيكلية لتقليل المخاطر مستقبلاً.
المحامون يدخلون على خط الأزمة
في تطور لافت، أعلنت الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب نيتها مقاضاة رئيس الحكومة أمام المحكمة الإدارية، مطالبة بإعلان آسفي منطقة منكوبة، وحملت الجمعية الحكومة مسؤولية التقصير، سواء من حيث غياب الإجراءات الاستباقية أو ضعف الاستجابة بعد الكارثة، معتبرة أن حجم الخسائر يستوجب محاسبة واضحة.
رد حكومي وغضب شعبي
قدّم رئيس الحكومة المغربية تعازيه لأسر الضحايا خلال جلسة برلمانية، غير أن هذه الخطوة لم تُرضِ شريحة واسعة من المواطنين، الذين اعتبروا التعزية غير كافية قياساً بحجم الفاجعة، ويرى معارضون أن ما حدث في آسفي، إلى جانب حوادث سابقة، يعكس أزمة أعمق تتعلق بتدبير المخاطر وحماية أرواح المواطنين.
خلاصة وتطورات مرتقبة
تُبقي فاجعة آسفي سؤال كيفية تعامل السلطات المغربية مع كارثة فيضانات آسفي مطروحاً بقوة في الشارع المغربي، في انتظار نتائج التحقيق القضائي، وما ستسفر عنه من قرارات قد ترسم ملامح مرحلة جديدة في التعامل مع الكوارث الطبيعية.

التعليقات