في تطور ملحوظ يكشف عن عمق الخلافات داخل القيادة اليمنية، أفادت مصادر إعلامية تابعة لما يُعرف بـ "المجلس الانتقالي الجنوبي" بادعاءات مثيرة تفيد بأن أربعة من أعضاء المجلس الرئاسي قد وافقوا مسبقًا على التحركات العسكرية الأخيرة التي قامت بها المليشيات في حضرموت والمهرة.
تأتي هذه التسريبات في إطار حملة إعلامية منظمة تهدف إلى تقديم صورة مختلفة تمامًا عن الحدث، حيث تُظهره كتحرك منسق وليس قرارًا فرديًا يهدف إلى زعزعة استقرار الحكومة الشرعية.
تفاصيل الادعاءات والموافقة الرئاسية:
وفقًا لما ذكرته وسائل إعلام الانتقالي، فقد أكد المتحدث باسم المليشيات، أنور التميمي، أن التحرك في حضرموت والمهرة لم يكن عشوائيًا، بل جاء بعد الحصول على موافقة من أربعة أعضاء بارزين في المجلس الرئاسي، وقد تم تحديد الأسماء المذكورة في التسريب بـ: عيدروس الزبيدي، أبو زرعة المحرمي، فرج سالمين البحسني، وطارق صالح
الأكثر إثارة للجدل هو الادعاء بأن العضو الخامس، الدكتور عبدالله العليمي، "لم يعترض" على التحرك، مما يعطي انطباعًا بوجود شبه إجماع أو على الأقل قبول ضمن أعلى هرم في السلطة، مما يثير تساؤلات حول مدى تماسك المجلس الرئاسي وقدرته على اتخاذ قرارات موحدة.
محاولة امتصاص الغضب السعودي: رواية "التوضيح":
في محاولة واضحة لتمرير روايتها وعدم استفزاز حليفها الرئيسي، المملكة العربية السعودية، سعت مليشيات الانتقالي إلى نفي وجود أي غضب سعودي من إجراءاتها.
وادعى التميمي أن العلاقة مع الرياض "متميزة" وأنها "السند"، وأن أي توتر محتمل هو مجرد "سوء فهم" تسعى المليشيات إلى "توضيحه" للشريك السعودي.
يأتي هذا التصريح ليعكس حرص الانتقالي على عدم قطع علاقاته مع الرياض، التي تعتبر الداعم الأساسي له، وفي الوقت نفسه محاولة لمنح نفسه غطاءً لمواصلة التحركات في المناطق النفطية والاستراتيجية تحت ذريعة "التفاهم" و"عدم المعارضة" من الأطراف الإقليمية الفاعلة.
صناعة "عدو داخلي" لتبرير التمرد:
ولتسويق تحركاتها داخليًا، لجأت مليشيات الانتقالي إلى خطابها المعتاد المتمثل في صناعة عدو وهمي، حيث أكد متحدثها أن "خلافهم ليس مع السعودية"، بل مع "قوى يمنية لا تريد للجنوب أن يستعيد دولته".
هذا الخطاب يهدف إلى تصوير أهداف المليشيات على أنها "تحررية" و"قومية جنوبية"، بينما في جوهرها تمرد مسلح على سلطة شرعية يفترض أن يكونوا جزءًا منها، وسعي لفرض الأمر الواقع على الأرض لتحقيق أهداف انفصالية.
النفي المدروس للعلاقات مع إسرائيل:
وفيما يتعلق بالجدل حول علاقات المليشيات بإسرائيل، جاء نفي أنور التميمي غامضًا ومحسوبًا، حيث أكد أنه "لا يوجد تواصل حاليًا مع إسرائيل بالمعنى الذي أثير أخيرًا في بعض الصحف".
هذا النفي، الذي يستخدم عبارة "بالمعنى الذي أثير"، يترك الباب مفتوحًا للتأويلات ولا يقطع الشك باليقين، مما يثير المزيد من التساؤلات حول حقيقة العلاقات الخفية التي قد تسعى المليشيات لتطويرها لخدمة أجندتها السياسية.
تظهر هذه التصريحات، المنسوبة لوسائل إعلام الانتقالي، استراتيجية إعلامية متكاملة تهدف إلى إعادة تأطير الأحداث، وتقديم المليشيات كلاعب سياسي شرعي لديه غطاء داخلي وإقليمي، في محاولة يائسة لشرعنة تمردها وتوسعاتها على الأرض.

التعليقات