أثار الفنان كاظم الساهر جدلًا كبيرًا في اليمن خلال منتصف التسعينات بعد زيارته للعاصمة صنعاء لإقامة حفلات غنائية، وتعتبر قصته في صنعاء من أكثر القصص الفنية التي تم تداولها في الإعلام العربي في ذلك الوقت، حيث تزامنت مع ذروة شهرته عربياً، وما صاحبها من نقاشات حول دور الفن وحدوده في المجتمعات المحافظة.

حفلات جماهيرية في ذروة الشهرة

جاءت زيارة كاظم الساهر في فترة كان يُعتبر فيها من أبرز نجوم الغناء العربي، حيث جذبت حفلاته جمهورًا كبيرًا من مختلف الأعمار، وشهدت صنعاء حضورًا جماهيريًا غير مسبوق، مما جعل الحدث محط أنظار الإعلام المحلي والعربي، ومقدمة لجدل لم يكن متوقعًا.

طبيعة الحفلات تشعل الاعتراضات

تركز الجدل حول طبيعة الحفلات التي وُصفت بالمختلطة، إذ حضرها رجال ونساء في قاعة واحدة، مما أثار اعتراضات من تيارات دينية ومحافظة في اليمن، واعتبر منتقدو تلك الفعاليات أن إقامة حفلات بهذا الشكل تتعارض مع الأعراف الاجتماعية، مطالبين بفرض ضوابط أكثر تشددًا على الأنشطة الفنية.

خطب وانتقادات إعلامية متبادلة

امتد الجدل إلى المنابر الدينية وبعض الصحف المحلية، حيث صدرت خطب ومقالات انتقدت الحفلات بشدة، واعتبرتها تجاوزًا للثوابت الأخلاقية، بينما شهدت الساحة الإعلامية ردودًا من كتاب ومثقفين يمنيين رأوا في قصة كاظم الساهر تعبيرًا عن تنوع المجتمع، وليس خروجًا عليه.

دفاع المثقفين عن الفن والانفتاح

دافع فنانون ومثقفون يمنيون عن إقامة الحفلات، معتبرين أنها تمثل انفتاحًا ثقافيًا طبيعيًا، وحقًا للجمهور في التفاعل مع الفنون، وأكدوا أن الفن لا يتناقض مع الهوية اليمنية، بل يعكس جانبًا من تنوعها التاريخي والاجتماعي، مما زاد من اتساع النقاش في الشارع اليمني.

غياب قرار رسمي بالمنع

ورغم حدة الجدل، لم تصدر أي قرارات رسمية بمنع حفلات كاظم الساهر في صنعاء، واستمرت الفعاليات حتى نهايتها، مما اعتبره البعض مؤشرًا على توازن نسبي بين الاعتبارات الاجتماعية والواقع الثقافي، بينما رأى آخرون أن الأمر كشف هشاشة العلاقة بين الفن والرقابة.

تأثير طويل الأمد على المشهد الفني

بعد هذه الواقعة، أصبحت إقامة الحفلات الغنائية الكبيرة في اليمن أكثر حساسية وخضوعًا لإجراءات رقابية مشددة، وظلت قصة كاظم الساهر تُستدعى لاحقًا في النقاشات الثقافية كأحد الأمثلة على الصراع بين التعبير الفني والمحافظة الاجتماعية في البلاد.

قصة تتجدد في الذاكرة الإعلامية

ومع مرور السنوات، عادت القصة للظهور في تقارير وبرامج إعلامية متعددة، خاصة عند الحديث عن حرية الفن في المجتمعات العربية، ولا تزال قصة كاظم الساهر في صنعاء حاضرة كواحدة من المحطات التي كشفت مبكرًا تعقيدات العلاقة بين الفن والمجتمع في المنطقة.