اليمن بلد صعب الهضم على المدى البعيد، حتى لو اعتبره البعض سهل المنال لتحقيق مصالح ضيقة، وهذا التوصيف ليس من فراغ، بل يستند إلى تقارير وتحليلات تستدعي التأمل، مما يطرح تساؤلًا حول ما إذا كنا نرى اليمن ككيان سيادي مكتمل، أم أننا أمام قراءة تختزل معناه في موانئه وتترك مفهوم الدولة معلقًا، والسؤال هنا بصيغة أكثر وضوحًا: هل نحب اليمن أم نحب الموانئ؟
تشجيع الانقسام في اليمن وتفكيك الدولة تحت مسمى استقلال طرف، لا ينتهي إلا بما يمكن تسميته “استقلال الموانئ” وليس استقلال الدول.
على مر التاريخ، كانت البدايات السهلة فخًا قاد إمبراطوريات ودولًا كبرى إلى أن تتخلى عن ذلك المذاق الذي أغراها في البداية، لتخرج في النهاية “بخفّي حُنين”، كما يقول المثل، فاليمن ليس مجرد أرض تُدار بمنطق الغنيمة، ولا يُختزل في مقاربة “خذه لحمًا وارمه عظمًا”.
اليمن، وفقًا لمفاهيم العلاقات الدولية وروح القانون الدولي، يمثل أهمية كأمن قومي لدول الجوار مثل السعودية وسلطنة عمان، ومن هنا تأتي أهمية دعمه لتحقيق أمنه واستقراره، لكن التعامل معه بمنطق الاستنزاف المؤقت للمكاسب البحرية أو كمساحة للضغط على الجوار، يجعل المصلحة العليا لدول الجوار تتطلب تحصينه كركيزة لاستقرار إقليمي، فالدولة المستقرة في هذا المجال الجغرافي لا تقل قيمة عن أي منظومة دفاعية، بل تشكل خط الوقاية الأول من تمدد المخاطر العابرة للحدود، وأي إخلال بهذا التحصين قد يعيد إنتاج محيط غير مستقر تتحول فيه المصالح العابرة إلى تهديدات ممتدة.

التعليقات