في تطور خطير يهدد اليمن، ظهرت تحذيرات قوية من “عسكرة المحافظات الشرقية” التي تقوم بها المليشيات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، هذه التحركات العسكرية لم تعد مجرد واقع، بل أصبحت تهديدًا كبيرًا لوحدة البلاد واستقرارها، وفقًا لمراقبين سياسيين، حيث يتوقعون خطر صراع متعدد الأوجه قد يدخل مناطق كانت تُعتبر مستقرة في دائرة العنف.
حذر السياسي والباحث اليمني نجيب غلاب من خطورة التصعيد الذي تقوده قوات الانتقالي في المناطق الشرقية، واصفًا إياه بأنه “التهديد الأخطر الذي يواجهه اليمن حاليًا”، متجاوزًا بذلك خطر الحوثيين في بعض الجوانب، لأنه يفتت جبهة الداخل ويخلق أعداء جدد.
أوضح غلاب أن ما يحدث ليس مجرد إعادة انتشار عسكري، بل هو مشروع ممنهج لفرض السيطرة بالقوة على محافظات غنية بالثروات ومتميزة بهويتها الاجتماعية، مثل حضرموت والمهرة وشبوة، وأكد أن هذه السياسة ستقود حتمًا إلى “فوضى وصراع متعدد الأوجه”، لن تقتصر على القوى السياسية، بل قد تشمل صراعات قبلية وجهوية، مما يعيد إنتاج سيناريوهات الحرب الأهلية بتفاصيل أكثر دموية.
تكشف المشاهدات الميدانية عن تصاعد غير مسبوق في التحركات العسكرية للانتقالي، حيث يتم نشر تعزيزات عسكرية وإنشاء نقاط تمركز جديدة في استفزاز واضح للسكان المحليين والقوات الحكومية الموجودة هناك، ويهدف هذا التمدد، بحسب محللين، إلى السيطرة على موانئ وحقول النفط، وخاصة في حضرموت، للضغط على الحكومة الشرعية وابتزازها اقتصاديًا وسياسيًا.
هذه “العسكرة” تتجاهل تمامًا الإرادة الشعبية الواضحة في هذه المحافظات، التي طالما عبرت عن رفضها لسيطرة أي قوة خارجية، سواء كانت حوثية أو تابعة للانتقالي، سكان المهرة وحضرموت وشبوة ينظرون إلى هذه القوات كقوة احتلال تسعى لفرض أجندة خاصة لا تمثلهم، مما يزيد من حدة الاحتقان ويجعل الاشتباكات المسلحة احتمالاً قائمًا في أي لحظة.
في وجه هذا الخطر الداهم، برزت أصوات تطالب بحل جذري للمشكلة، ليس عبر المواجهة العسكرية، بل من خلال تمكين سكان المحافظات الشرقية من إدارة شؤونهم بأنفسهم، وقد جدد الباحث نجيب غلاب هذه الدعوة، مؤكدًا أن السبيل الوحيد لتفادي المأساة القادمة هو تمكين حضرموت والمهرة وشبوة من إدارة أمنها واقتصادها ومواردها بشكل مستقل، بعيدًا عن هيمنة الانتقالي أو أي طرف آخر.
وأشار غلاب إلى أن تجاهل هذه المطالب، والاستمرار في دعم المليشيات لفرض سياسة الأمر الواقع، لن يؤدي فقط إلى صراع مسلح، بل سيفتح الباب أمام كارثة إنسانية واقتصادية قد تطال المنطقة بأكملها، مع تأثيرات كارثية على مسار الحرب في اليمن، يبدو أن شرق اليمن يقف على مفترق طرق خطير، فإما أن يتم تمكينه ليكون نموذجًا للاستقرار والحكم الذاتي، أو أن يُجر إلى مستنقع جديد من الصراع بموجب أطماع الانتقالي التوسعية، وهو ما قد يعيد تشكيل خريطة النزاع في اليمن بشكل كارثي.

التعليقات