في تصعيد خطير يزيد من حدة الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن، زادت الجماعة الحوثية من حملاتها المنظمة لاستهداف التجار وأصحاب المحلات في العاصمة صنعاء، حيث أغلقت حوالي 100 متجر ومنشأة خلال الشهر الماضي فقط، في ما وُصف بأنه عملية "خنق اقتصادي" وابتزاز ممنهج لتمويل أنشطتها.

تفاصيل الحملة وأرقامها.

وكشفت مصادر مطلعة لموقع السعودية نيوز عن حجم الحملة التي نفذتها نحو 40 لجنة ميدانية تابعة لما يسمى "مكتب الصناعة والتجارة" الحوثي، وخلال أربعة أسابيع فقط، نفذت هذه اللجان حوالي 683 عملية دهم وتفتيش استهدفت أسواقاً ومحلات تجارية ومطاعم ومخازن في مختلف أحياء صنعاء.

وأقر تقرير أولي صادر عن المكتب نفسه ببعض الإجراءات، حيث أكد إغلاق 98 منشأة، وإصدار 227 تعميماً، و110 إشعارات حضور، وإحالة 55 مخالفة إلى النيابة التابعة للجماعة، بالإضافة إلى فرض غرامات وإجراءات إدارية على 190 منشأة أخرى.

مبررات رسمية واتهامات بالابتزاز.

تزعم الجماعة الحوثية أن هذه الحملات تأتي في إطار "ضبط الأسواق"، ومكافحة الغش التجاري والاحتكار، ومصادرة المواد المخالفة للمواصفات أو منتهية الصلاحية، لكن التجار والمراقبون يرون أن هذه المبررات ليست سوى غطاء لعمليات ابتزاز وجباية واسعة النطاق.

ويؤكد التجار أن عناصر الحوثي فرضوا عليهم إتاوات نقدية وعينية تحت مسميات مختلفة، مثل "الإسهام في تمويل الوقفات المسلحة"، و"دعم حملات التعبئة والتجنيد الإجباري"، و"تمويل دورات طوفان الأقصى العسكرية"، وهي الأنشطة التي تزعم الجماعة أنها تستعد من خلالها لمعارك مرتقبة مع إسرائيل وأمريكا.

شهادات من الساحة.

روى "خالد" (اسم مستعار)، وهو تاجر مواد غذائية في حي السنينة، تفاصيل تعرضه للابتزاز، حيث قال إن عناصر حوثية مسنودة بعربات أمنية اقتحمت متجره، وأرغمته على دفع 10 آلاف ريال يمني بحجة تمويل أنشطة استقطاب وتجنيد مقاتلين جدد، مشيراً إلى أن هذه المبالغ تُفرض بشكل تقديري وبلا معايير قانونية واضحة.

بدوره، أكد صاحب متجر صغير في حي شميلة تعرض متجره للدهم، حيث أُجبر على دفع مبلغ مالي تحت ذريعة وجود مخالفات سابقة، وبسبب عجزه عن السداد، قام المسلحون بمصادرة أصناف غذائية من متجره بحجة "دعم المقاتلين في الجبهات".

تدهور اقتصادي وخطر إنساني.

تأتي هذه الممارسات في وقت يحذر فيه تقرير دولي حديث من تدهور خطير في الوضع الاقتصادي بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وأوضح تقرير صادر عن "شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة" أن حملات الجباية المستمرة تطال مختلف القطاعات التجارية، ولا تقتصر على فرض الرسوم، بل تشمل تشديد القيود التنظيمية، مما أدى إلى إغلاق العديد من المنشآت الصغيرة.

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا النهج سيُضعف قدرة الأسر على تأمين الغذاء، حتى عبر نظام "التقسيط" الذي شكّل ملاذاً أخيراً للكثيرين لمواجهة الغلاء، متوقعاً زيادة حادة في مستويات انعدام الأمن الغذائي في ظل تراجع المساعدات الإنسانية واستمرار الجماعة في نهجها القمعي ضد الاقتصاد المحلي.