توطين الصناعة العربية من السلاح إلى الطاقة، حيث تم تدشين أكبر مصنع للمولدات الكهربائية صديقة البيئة في منطقة الخليج بالشارقة، بالتزامن مع إعلان مصر عن تصنيع أجزاء من “الرافال” في “إيديكس”.

يوم الخميس الماضي، كنت مدعوًا لحضور افتتاح أول مصنع من نوعه في الخليج لإنتاج المولدات الموفرة للطاقة بتقنيات حديثة ومستدامة، وذلك في المنطقة الحرة بإمارة الشارقة، ويأتي هذا في إطار خطة الإمارات لتوطين الصناعات المستقبلية، خاصة في مجال الصناعات الصديقة للبيئة، تماشيًا مع رؤية 2030، وهو توجه تسعى إليه معظم الدول العربية لتوطين الصناعة.

توطين الصناعة يعني، كما يؤكد الخبراء، تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد من خلال جذب الاستثمارات، وتطوير البنية التحتية والمناطق الصناعية، وربط التعليم بالصناعة، وحماية المنتج المحلي، مع التركيز على قطاعات واعدة مثل السيارات والأدوية والطاقة المتجددة والكيماويات، لمواجهة تحديات مثل ضعف التمويل والمنافسة وتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن القومي.

تحدث الحضور عن أهمية توطين الصناعة العربية، خاصة أن اللواء مهندس مختار عبد اللطيف، رئيس الهيئة العربية للتصنيع، أعلن من معرض الصناعات الدفاعية في مصر “إيديكس” عن اتجاه مصر لتصنيع أجزاء من مقاتلات “رافال” محليًا لأول مرة، مما يمثل خطوة نوعية نحو توطين الصناعات الدفاعية وتعزيز القدرات الجوية، بعد نجاح مصر في صناعة العديد من المعدات وفتح أسواق جديدة أمام الصناعات المصرية.

شهدت السنوات الأخيرة تسارعًا من عدد من الدول العربية، مثل مصر والسعودية والإمارات، نحو توطين صناعة الطاقة الكهربائية لدعم مشاريع التنمية وما تحتاجه من مصادر الطاقة، ويؤكد الخبراء أن وفرة موارد الطاقة المتجددة في الدول العربية تجعل المزيد من التطوير والنمو لمشروعات الطاقة المتجددة ممكنًا، مع وجود حاجة قوية لزيادة الانتشار في قطاعات التدفئة الصناعية والنقل، بما في ذلك استخدام تقنيات مثل الهيدروجين الأخضر.

المصنع الجديد في الشارقة، كما يقول الدكتور مهندس خالد النابلسي، رئيس مجلس إدارة مجموعة ألتمت باور سليوشن، يمثل منصة إنتاجية متكاملة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وتم تصميمه وفقًا لأعلى المعايير البيئية، حيث سيعمل على خفض انبعاثات الكربون بشكل ملموس، مما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في الاستدامة وتقليل الآثار السلبية على البيئة، مشيرًا إلى أن المجموعة تستهدف التصدير إلى أسواق إقليمية ودولية عدة، مع تعزيز حضور الإمارات كمركز عالمي لصناعة المولدات وأنظمة الطاقة المتقدمة.

أوضح النابلسي أن المجموعة توفر مجموعة واسعة من حلول الطاقة الكهربائية عالميًا، تشمل صناعة المولدات الكهربائية التي تعمل على محركات الديزل والطاقة الشمسية، وأنظمة الطاقة المتجددة بمختلف أنواعها، وكذلك المولدات والتوربينات العاملة على طاقة الرياح، بالإضافة إلى المولدات التي تعمل بالنفط الخام والغاز الطبيعي، مشيرًا إلى أن هذا التنوع جاء نتيجة رؤية استراتيجية واضحة تستهدف تقديم حلول مرنة تلبي احتياجات المشاريع الصناعية الكبرى والصغرى.

المصنع الجديد، الذي يعد الأكبر في منطقة الخليج، يقع على مساحة 9 آلاف متر مربع، ويضم أكثر من 150 مهندسًا وفنيًا متخصصًا في مجالات الطاقة والبرمجة الصناعية، وذلك في إطار الحرص على الاستثمار في الكوادر البشرية، وقد حضر التدشين عدد كبير من المسؤولين في الإمارات.

أكد المهندس خالد النابلسي أن هناك تحديات كبيرة أمام توطين الصناعة العربية، إلا أن الفترة الحالية تشهد توجه دول عربية عديدة نحو توطين العديد من الصناعات، خاصة في مجال الطاقة النظيفة، مشيرًا إلى ضرورة التعاون والتنسيق لتحقيق أهداف التنمية، وكشف عن خطط لدى المجموعة للاستثمار في مصر خلال المرحلة المقبلة بعد الحوافز والإجراءات المشجعة من الحكومة المصرية.

أوضح النابلسي أن دولة الإمارات نجحت في تحويل المستحيل إلى واقع، وأصبحت نموذجًا يُحتذى به في الريادة الصناعية، مشيرًا إلى أن المجموعة استطاعت، بدعم البيئة الاقتصادية الإماراتية، الوصول إلى مكانة عالمية في صناعة المولدات وأنظمة الطاقة الحديثة.

وأشادت الشيخة نوال الصباح، رئيس الاتحاد الدولي للمثقفين العرب، بالمستوى المتقدم للتقنيات المستخدمة في المصنع الجديد، الذي يمثل إضافة نوعية لقدرات المنطقة في مجال الإمدادات الكهربائية والطاقة المتجددة، ويعكس رؤية القيادة في تعزيز الصناعة المحلية وتوفير فرص عمل لأبناء الوطن.