تعتبر صناعة الأدوية من الركائز الأساسية في جهود الدولة المصرية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الصحي الوطني، وهذا يفسر الاهتمام المتزايد بتحديث الشركات العامة في هذا القطاع، وفي هذا الإطار، وضعت الدولة خطة تطويرية لشركات الأدوية التابعة لها بالتعاون مع الشركة القابضة للأدوية، حيث تتضمن استراتيجيات تهدف إلى إعادة تأهيل البنية التحتية للمصانع وزيادة كفاءتها الإنتاجية والفنية، من أجل بناء صناعة دوائية قادرة على توفير منتجات آمنة وفعالة للمواطنين بجودة تتماشى مع المعايير العالمية وبأسعار مناسبة لمختلف فئات المجتمع.
الاستراتيجية الوطنية لتعزيز الأمن الدوائي
تأتي هذه الخطوات تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بضرورة تحديث قطاع الأدوية باعتباره أحد دعائم الأمن الصحي الوطني، وبما يتماشى مع رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، التي تعطي الأولوية للصناعة الوطنية، وأكد المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، أن الوزارة تعطي أهمية خاصة لتطوير شركات الأدوية، موضحًا أن الخطة تستهدف تحديث خطوط الإنتاج بالكامل، وتعزيز أنظمة الجودة لتلبية المعايير الدولية، مما يسهم في رفع الإنتاجية وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق المحلية والعالمية.
تحديث البنية التحتية والقدرات الفنية
وأشار الوزير إلى أن برنامج التطوير الحالي يتضمن تحديثًا شاملًا للبنية التحتية داخل المصانع، وإدخال أنظمة مراقبة وتشغيل حديثة، لضمان الالتزام بمعايير التصنيع الجيد (GMP)، مؤكدًا أن جميع الشركات التابعة ستصبح مطابقة لهذه المعايير العالمية قبل نهاية عام 2026، كما تتابع الوزارة معدلات التنفيذ بشكل دوري لضمان الالتزام بالجدول الزمني المحدد، مشددًا على أن المرحلة الحالية تشهد تقدمًا كبيرًا في تطوير خطوط الإنتاج وزيادة كفاءة التشغيل.
استراتيجيات شراكة واستثمار في الأصول
ولفت الوزير إلى أن الخطة تشمل أيضًا تعظيم الاستفادة من الأصول التابعة للشركات من خلال إعادة توظيفها أو الدخول في شراكات استراتيجية مع القطاعين المحلي والأجنبي، مما يسهم في نقل التكنولوجيا وزيادة العائد الاقتصادي، وأكد شيمي أن الوزارة تهتم برفع كفاءة الكوادر البشرية العاملة في القطاع، من خلال برامج تدريب متخصصة بالتعاون مع مؤسسات تدريب دولية وجهات معنية بصناعة الأدوية، مشيرًا إلى أن العنصر البشري يمثل أساس عملية التطوير، كما شدد على أهمية تعزيز دور البحث العلمي والابتكار في تطوير المستحضرات الدوائية الجديدة، موضحًا أن الخطة تتضمن إنشاء مراكز بحث وتطوير داخل بعض الشركات لإنتاج أدوية جديدة في مجالات علاجية متعددة مثل أمراض القلب والسكري والمضادات الحيوية.
تحويل مصر إلى مركز إقليمي لصناعة الأدوية
وأوضح شيمي أن خطة تطوير شركات الأدوية تمثل مشروعًا قوميًا استراتيجيًا يهدف إلى تحويل مصر إلى مركز إقليمي لصناعة وتصدير الأدوية في الشرق الأوسط وأفريقيا، مؤكدًا أن السنوات القادمة ستشهد طفرة غير مسبوقة في أداء الشركات التابعة، بدعم من الدولة والتزامها بتحقيق الأمن الدوائي الشامل للمواطن المصري، وأشار الدكتور أشرف الخولي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للشركة القابضة للأدوية، إلى أن خطة التطوير بدأت تؤتي ثمارها، حيث تم الانتهاء من تحديث أكثر من 100 خط إنتاج داخل المصانع التابعة، مع استكمال بقية المشروعات خلال العامين المقبلين.
تحسين الجودة وزيادة القدرة التصديرية
وأكد الخولي أن المصانع أصبحت قادرة الآن على إنتاج مستحضرات دوائية تتوافق مع اشتراطات هيئة الدواء المصرية والمعايير الدولية، مما يعزز فرص التصدير إلى الأسواق الخارجية ويدعم تنافسية المنتج المصري، وأضاف أن بعض خطوط الإنتاج الجديدة دخلت الخدمة فعليًا بعد اعتمادها من هيئة الدواء، كما تم طرح مستحضرات جديدة كانت تُستورد من الخارج، مما ساهم في خفض فاتورة الاستيراد وتوفير العملة الصعبة، وكشف الخولي أن الشركة القابضة تعمل على إنشاء مصانع جديدة لإنتاج المواد الخام الدوائية، بهدف تقليل الاعتماد على الواردات وتحقيق التكامل الصناعي بين الشركات التابعة، مما سيعزز استقلال الصناعة الوطنية ويزيد من قدرتها على المنافسة الإقليمية والدولية.

التعليقات