أقدمت مصر على توقيع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية خلال المؤتمر الذي أُقيم في العاصمة الفيتنامية هانوي.
مكافحة الجريمة السيبرانية
تُعتبر هذه الاتفاقية الإطار القانوني الدولي الأول والشامل الذي يُعنى بمواجهة الجريمة العابرة للحدود في الفضاء الرقمي، وقد اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 ديسمبر 2024 بموجب القرار رقم 79/243، حيث وقع عليها أكثر من 60 دولة، وتهدف إلى تعزيز الإجراءات اللازمة للوقاية من الجريمة السيبرانية ومكافحتها بكفاءة وفاعلية أكبر، خاصة في ما يتعلق بتبادل الأدلة الإلكترونية، بالإضافة إلى تشجيع التعاون الدولي في هذا المجال، وتيسير المساعدة التقنية وبناء القدرات، خصوصًا لصالح الدول النامية.
تتضمن الاتفاقية مقدمة وتسعة فصول تغطي: الأحكام العامة، التجريم، الاختصاص القضائي، الإجراءات، التعاون الدولي، التدابير الوقائية، المساعدة التقنية، تبادل المعلومات، آلية التنفيذ، والأحكام الختامية، ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ بعد 90 يومًا من تصديق 40 دولة عليها
تأتي مشاركة مصر في مراسم التوقيع تتويجًا لدورها المحوري والفاعل خلال مرحلة التفاوض على نص الاتفاقية منذ عام 2021، بمشاركة وزارتي الخارجية والعدل وعدد من الجهات الوطنية مثل هيئة الرقابة الإدارية والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، ويعكس توقيع مصر على هذه الاتفاقية التزامها بدعم الجهود الدولية لمكافحة الجريمة السيبرانية وحماية البنية التحتية المعلوماتية الوطنية.
تضمن الوفد المصري المشارك ممثلين عن عدة وزارات وجهات معنية، منها وزارات العدل والداخلية والخارجية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلى ممثلين للنيابة العامة وهيئة الرقابة الإدارية والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.
وخلال مراسم التوقيع، ألقى الدكتور عمرو طلعت كلمة مصر، حيث بدأ بنقل تقدير فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، لاستضافة جمهورية فيتنام الاشتراكية لهذا الحدث المهم، معبرًا عن إشادته بعلاقات التعاون المستمرة بين البلدين.
وأكد الدكتور عمرو طلعت أن مصر تفتخر بعلاقاتها الدبلوماسية التي تمتد لعقود طويلة مع جمهورية فيتنام الاشتراكية، والتي شهدت هذا العام تطوير العلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الشاملة، معربًا عن شكره لحسن الاستقبال وكرم الضيافة.
أضاف الدكتور عمرو طلعت أن هذا الحدث التاريخي يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز نظام عالمي أكثر أمانًا وعدالة في الفضاء الرقمي، مما يعكس التزام المجتمع الدولي بالمضي قدمًا في تعزيز التعاون متعدد الأطراف إلى آفاق جديدة، مشيرًا إلى أنه في هذا العام الذي نحتفي فيه بالذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة، نستحضر مسيرة العمل الأممي المشترك ونستلهم منها القيم التي تقودنا في العصر الرقمي الذي أصبحت فيه تكنولوجيا المعلومات هي أساسه، وخوارزميات الذكاء الاصطناعي هي محركه.
وأوضح الدكتور عمرو طلعت أن مصر تؤمن بضرورة أن تمتد يد العدالة في العصر الرقمي إلى الفضاء السيبراني، تأصيلًا لمبدأ سيادة القانون في كل زمان ومكان، سواء في العالم الواقعي أو الافتراضي، مضيفًا أن خبرات مصر ساهمت بشكل فعّال في إثراء النقاشات الأممية وتقديم نموذج متكامل تسترشد به الدول في بناء نظمها الوطنية، موضحًا أن الاتفاقية ترسي إطارًا محكمًا للتعاون القضائي وتفتح مسارات لتبادل الأدلة الإلكترونية والمساعدة القانونية عبر الحدود، مما يعزز سيادة القانون في كلا العالمين التقليدي والرقمي.
واستكمل الدكتور عمرو طلعت أن مصر، على مدار العقدين الماضيين، قد عملت على إنشاء نظام متكامل لحماية فضائها الرقمي، حيث تتكامل الأطر التشريعية مع المؤسسات القضائية وأجهزة إنفاذ القانون، وفرق العمل المتخصصة في المركز الوطني للاستعداد لطوارئ الحاسبات والشبكات، تحت شعار واحد هو حماية المواطن والمؤسسات وصون ثقة المجتمع في الفضاء الرقمي، في إطار رؤية بناء “مصر الرقمية” التي تهدف إلى خلق مجتمع آمن وشامل ومستدام ومنفتح على التجارب الدولية، مؤكدًا أن مصر ساهمت بخبراتها القانونية والتقنية في صياغة نص متوازن يجمع بين متطلبات العدالة واحترام سيادة القانون.
كما دعا الدكتور عمرو طلعت الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية للمشاركة في المؤتمر الدولي الذي تستضيفه القاهرة خلال الأشهر المقبلة، ليكون من أوائل المنصات المعنية بمناقشة تنفيذ الاتفاقية وتحويل نصوصها إلى سياسات وآليات تعاون وشراكات تمتد من الفكرة إلى التطبيق.
وأكد الدكتور عمرو طلعت أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية تمثل جسرًا إلى مرحلة جديدة من العمل المشترك، وتجسد الإرادة الجماعية للدول لصون الأمن الرقمي العالمي من خلال أداة قانونية دولية فريدة من نوعها في إطار متعدد الأطراف، مشيرًا إلى أن توقيع جمهورية مصر العربية إلى جانب الدول الشقيقة والصديقة يؤكد أن الأمن الرقمي لأي دولة هو مسؤولية مشتركة وأمن للإنسانية جمعاء، مشددًا على أن مصر ماضية مع شركائها لتحويل هذا الإطار القانوني إلى فضاء رحب للتعاون والابتكار والتنمية والتواصل الإنساني في عصر تتسارع فيه التطورات التكنولوجية.

التعليقات