تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم بذكرى نياحة القديسة بيلاجية التائبة، التي عاشت في البداية حياة بعيدة عن الإيمان والخطية، لكنها بعد لقائها بالأسقف نونيوس، تحولت حياتها تمامًا إلى حياة التوبة والنسك، حيث قضت نحو أربعين عامًا في دير بأورشليم، متبعةً طريق القداسة والصلاة، مما يجعل سيرتها مثالاً يحتذى به في الإيمان والتغيير الروحي، وتُبرز أهمية كتاب السنكسار الذي يسجل قصص القديسين والشهداء، ويعكس كيف يمكن للإنسان أن يتحول من الخطية إلى القداسة من خلال التوبة والإيمان الحقيقي.
القديسة بيلاجية التائبة: قصة تحول ملهمة
في يوم الثلاثاء، الحادي عشر من شهر بابه القبطي، تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بذكرى نياحة القديسة بيلاجية التائبة، التي وُلدت في مدينة أنطاكية من أبوين وثنيين، عاشت في بداية حياتها بعيدًا عن الإيمان، حيث كانت غارقة في حياة الخطية والفجور، وجمعت ثروات طائلة من تلك الحياة المليئة بالمعاصي، ولكن القدر كان يحمل لها تحولًا عظيمًا.
يذكر كتاب السنكسار الكنسي، الذي يوثق سير الآباء والشهداء والقديسين، أنه في أحد الأيام، التقت القديسة بالأسقف نونيوس، أسقف الرها، الذي وعظها بكلمات مؤثرة عن التوبة والخلاص، فتأثرت بكلامه وقررت أن تعتنق الإيمان المسيحي، واعترفت بخطاياها أمامه، مما أدى إلى تعميدها ونوالها الأسرار المقدسة، ومنذ تلك اللحظة، بدأت حياتها تتغير بشكل جذري، حيث سلكت درب التوبة والنسك، وأتعبت جسدها بالصوم والصلاة، وقررت أن تتنكر في زي الرجال وتذهب إلى أورشليم، حيث قابلت القديس ألكسندروس بطريرك أورشليم، الذي أرسلها إلى أحد الأديرة القريبة.
في السنوات الأخيرة من حياتها، قضت القديسة بيلاجية في الوحدة داخل مغارة، حيث كانت تصلي وتتعبد في خفاء، حتى تنيحت بسلام، ولم يُكتشف أنها كانت امرأة إلا بعد وفاتها، فتم دفنها بإكرام عظيم، وهذا يعكس كيف أن التوبة الحقيقية يمكن أن تغير مجرى حياة الإنسان، وتبرز لنا أهمية الإيمان والتغيير، مما يجعل قصة القديسة بيلاجية تظل ملهمة للكثيرين.
كتاب السنكسار الكنسي: مرجع روحاني عميق
من المهم الإشارة إلى أن كتاب السنكسار يحتوي على سير القديسين والشهداء، بالإضافة إلى تذكارات الأعياد وأيام الصوم، وهو مُرتب حسب أيام السنة، ويُستخدم في الصلوات اليومية، حيث يتضمن السنكسار ثلاثة عشر شهرًا، وكل شهر يتكون من 30 يومًا، مع وجود شهر مكمل يُعرف بالشهر الصغير، ويعتمد التقويم القبطي على دورة نجم الشعري اليمانية التي تبدأ في 12 سبتمبر.
يعتبر السنكسار، وفقًا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مرجعًا روحانيًا مهمًا، حيث لا يخفي عيوب بعض الشخصيات، بل يذكر ضعفاتهم وخطاياهم، بهدف فهم حروب الشيطان وكيفية الانتصار عليها، مما يمنح القارئ دروسًا وعبرًا من الأحداث التاريخية، ويُظهر كيف يمكن للإيمان والتوبة أن يكونا مصدر قوة حقيقية في مواجهة التحديات.

التعليقات