شهدت أسواق الذهب قمة تاريخية خلال الأسبوع الماضي حيث حققت مكاسب تصل إلى 4.8% بعد فترة مليئة بالتقلبات التي أثرت على الأسعار بشكل ملحوظ، حيث تجاوز سعر الأوقية 4300 دولار للمرة الأولى، مما يعكس الطلب المتزايد على الملاذات الآمنة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية غير المستقرة، ومع تزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية، أصبح الذهب محط أنظار المستثمرين الذين يسعون لحماية أموالهم من المخاطر المحتملة، ورغم التراجع الذي شهدته الأسعار يوم الجمعة، إلا أن المعنويات تجاه الذهب لا تزال قوية، حيث يعتبر المعدن النفيس ملاذاً آمناً في أوقات الأزمات، ومع استمرار التوترات الجيوسياسية، يبقى الذهب في صدارة الخيارات الاستثمارية، مما يعزز من مكانته كأصل استراتيجي في المحافظ الاستثمارية.
تقلبات أسعار الذهب
شهدت أسعار الذهب خلال الأسبوع الماضي تقلبات ملحوظة، لكنها اختتمت بمكاسب قوية بلغت حوالي 4.8%، وذلك بفضل توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية وزيادة الطلب على الملاذات الآمنة.
أسعار الذهب خلال الأسبوع
خلال الأسبوع، حقق المعدن النفيس مستوى تاريخياً جديداً تجاوز 4300 دولار للأوقية للمرة الأولى، إلا أنه تراجع يوم الجمعة بنسبة 2.6% ليصل إلى 4211.48 دولار، تحت ضغط قوة الدولار وتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول عدم استدامة “تعرفة جمركية شاملة” على الصين، وفقاً للبيانات المتاحة، وجاء هذا التراجع بعد أن بلغ الذهب أعلى مستوى له على الإطلاق عند 4378.69 دولار خلال الجلسة، وكان في طريقه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ سبتمبر 2008.
تأثير الدولار على أسعار الذهب
ساهم ارتفاع مؤشر الدولار بنسبة 0.1% في زيادة الضغط على الذهب المسعر بالدولار، مما جعله أكثر تكلفة للمشترين من خارج الولايات المتحدة، ومع ذلك، ظل الذهب مدعوماً بضعف المعنويات تجاه الاقتصاد العالمي وعمليات التحوط من المخاطر المالية , وتلقت الأسعار دعماً قوياً من توقعات الأسواق بخفض أسعار الفائدة الأمريكية، حيث يسعر المستثمرون احتمال خفض بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في أكتوبر، وخفض آخر في ديسمبر.
تصريحات رئيس الفيدرالي
كما دعمت تصريحات رئيس الفيدرالي، جيروم باول، حول ضعف سوق العمل، التقديرات بقرب تيسير السياسة النقدية، واعتبر المتداولون أن الذهب لم يعد يتحرك وفق اعتبارات فنية فقط، بل نتيجة تحول أعمق في الثقة تجاه النظام النقدي التقليدي والدولار الأمريكي. وعلى الصعيد الجيوسياسي، أعادت تصريحات ترامب بشأن فرض تعريفات بنسبة 100% على الواردات الصينية أجواء حرب التجارة إلى الواجهة، لكنه عاد لاحقاً ليبدي استعداداً للتفاوض واللقاء مع نظيره الصيني، مما أدى إلى تهدئة جزئية في الأسواق.
تأثير النبرة التصالحية
اعتبر محللون أن النبرة الأكثر تصالحية خففت من زخم عمليات الشراء في المعادن الثمينة، لكن المخاوف الأساسية من التوترات التجارية لا تزال قائمة , ساهمت عوامل هيكلية في دعم الذهب، من بينها مشتريات البنوك المركزية، وزيادة التدفقات إلى الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب، والتحول بعيداً عن العملات الورقية.
توقعات أسعار الذهب
منذ بداية العام، ارتفع الذهب بأكثر من 64%، مدفوعاً بالتوترات الجيوسياسية، وعمليات التحوط، وتوقعات خفض الفائدة ، كما رفع بنك HSBC توقعاته لمتوسط سعر الذهب لعام 2025 إلى 3455 دولاراً، وتوقع أن يصل إلى 5000 دولار في 2026، بينما رجح بنك “ستاندرد تشارترد” أن يبلغ متوسط السعر 4488 دولاراً في 2026 مع مخاطر صعودية إضافية.
الطلب الفعلي في آسيا
ورغم الأسعار القياسية، ظل الطلب الفعلي في آسيا قوياً، وبلغت العلاوات على الذهب في الهند أعلى مستوى لها منذ عقد من الزمن مع اقتراب موسم الأعياد، مما يعكس استمرار الطلب الاستهلاكي, في المقابل، شهدت المعادن الأخرى تراجعات حادة، إذ انخفضت الفضة بنسبة 5.6% إلى 51.20 دولاراً للأوقية بعد ذروة عند 54.47 دولاراً، وتراجع البلاتين بنسبة 6.1% إلى 1607.85 دولاراً، بينما هبط البلاديوم 7.9% إلى 1485.50 دولاراً.
المشهد العام للذهب
يشير محللون إلى أن المشهد العام للذهب يبقى مدعوماً بالعوامل الاقتصادية والسياسية، لكن التقلب الحاد سيستمر في ظل غياب البيانات الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي، واستمرار الضبابية التجارية بين واشنطن وبكين ، ويرى المتداولون أن الذهب يدخل مرحلة جديدة من الاعتماد على الثقة بالنظام المالي العالمي أكثر من العوامل الفنية التقليدية، مما يعزز مكانته كأصل استراتيجي في المحافظ الاستثمارية خلال الفترة المقبلة.

التعليقات