في ظل التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط، يأتي غياب بنيامين نتنياهو عن قمة شرم الشيخ للسلام كدليل واضح على تراجع مكانة إسرائيل الدبلوماسية وعزلتها المتزايدة، حيث تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإقناع القاهرة بقبول نتنياهو، لكن الأخير اختار العزلة بسبب ضغوط شركائه في اليمين المتطرف، مما يعكس التناقضات الداخلية في حكومته وعجزها عن تحقيق السلام في المنطقة، بينما كانت القمة تجمع قادة عرب وأجانب تسعى لإحياء حل الدولتين ودعم إعادة إعمار غزة، وهو ما يرفض نتنياهو الاقتراب منه خشية من فقدان دعم ائتلافه الحاكم.

التدخل الأمريكي في قمة شرم الشيخ للسلام

في مشهد يعكس التحولات الكبيرة في موازين القوى بالشرق الأوسط، تدخل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشكل مباشر لإقناع القاهرة بالسماح لبنيامين نتنياهو بالمشاركة في قمة شرم الشيخ للسلام، وكان الهدف من هذا التدخل هو تحسين صورة إسرائيل الدبلوماسية بعد فترة طويلة من الحرب المدمرة على غزة، حيث أجرى ترامب اتصالًا هاتفيًا بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من تل أبيب، طالبًا منه السماح لنتنياهو بالحضور، وفي النهاية، وافقت القاهرة على الطلب بدافع الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن، لكن المفارقة كانت أن نتنياهو نفسه تراجع عن الحضور في اللحظة الأخيرة بدعوى الأعياد الدينية اليهودية.

تناقضات داخل إسرائيل وتأثيرها

هذا الغياب لم يكن مجرد قرار عابر، بل يعكس تناقضات عميقة داخل الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، حيث وجد نتنياهو نفسه محاصرًا من شركائه في اليمين المتطرف الذين يرفضون أي حديث عن “سلام” أو “حل الدولتين”، مما وضعه أمام معادلة صعبة، إما إرضاء واشنطن والعالم أو الحفاظ على بقاء حكومته المتشددة، وفي ظل هذا الوضع المتوتر في المنطقة، بدت صورة قمة شرم الشيخ أكثر وضوحًا، إذ كان الجميع حاضرًا باستثناء نتنياهو، مما يعكس تراجع مكانة إسرائيل الدبلوماسية وزيادة عزلتها في المنطقة.

نتنياهو وعزلته السياسية

وفقًا لتقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن القاهرة لم تدعُ نتنياهو في البداية إلى القمة بسبب المخاوف من ردود الفعل الشعبية الغاضبة في مصر والعالم العربي، والتي تصاعدت بعد الحرب على غزة، كما أن العداء الشعبي تجاه إسرائيل بلغ ذروته، ومع ذلك، فإن المسألة تتجاوز الحسابات الشعبية، حيث تم صياغة الإطار الكامل لإنهاء الحرب وصفقة الأسرى بواسطة إدارة ترامب وليس نتنياهو، مما جعل حضوره غير ذي جدوى سياسية، كما أن الاجتماع الذي حضره رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كان يركز على إحياء حل الدولتين وإعادة إعمار غزة، وهما موضوعان يرفض نتنياهو الاقتراب منهما، مما يبرز عجز حكومته عن التعامل مع التحديات الإقليمية الجديدة.