تعد محطات حياة المشير أحمد بدوي جزءًا أساسيًا من تاريخ العسكرية المصرية، حيث يُعتبر أحد الأبطال البارزين في حرب أكتوبر المجيدة التي شكلت نقطة تحول في مسار الأمة المصرية، فقد ساهم بدوي بشكل كبير في عبور قناة السويس واستعادة سيناء، كما أظهر شجاعة استثنائية خلال عملية الثغرة، حيث قاد قواته لمواجهة العدو الإسرائيلي بصلابة، مما أدى إلى تحقيق انتصارات عسكرية هامة، ويُذكر أن دوره الحيوي في تلك الحرب يُبرز قدرات الجيش المصري على مواجهة التحديات واستعادة كرامته، مما جعل من أحمد بدوي رمزًا للفخر والاعتزاز في تاريخ الوطن.

حرب أكتوبر المجيدة

تعتبر حرب أكتوبر المجيدة علامة بارزة في تاريخ العسكرية المصرية، فقد تجلت فيها شجاعة جميع التشكيلات والقيادات التي سعت لتحقيق نصر عظيم، دفع المصريون ثمناً غالياً من دمائهم الطاهرة لاستعادة جزء عزيز من أرض الوطن، وهو سيناء، لم تكن هذه الحرب مجرد معركة عسكرية، بل كانت اختباراً حقيقياً لقدرة الشعب المصري على تحويل الحلم إلى واقع، حيث تحدى الجيش المصري المستحيل، وقهره، وأثبت تفوقه في أصعب اللحظات التي قد تمر على أي أمة، فكان جوهر الحرب هو الكفاح من أجل تغيير الواقع من الهزيمة إلى النصر، ومن الظلام إلى النور، ومن الانكسار إلى الكبرياء.

أحداث السادس من أكتوبر

في السادس من أكتوبر عام 1973، انطلقت صيحات “الله أكبر” لتزلزل قناة السويس، حين عبر عشرات الآلاف من أبطال القوات المسلحة إلى الضفة الشرقية للقناة، لاستعادة أرض الفيروز من العدو الإسرائيلي، وكانت تلك الحرب التي تكبدت فيها إسرائيل خسائر لا تُنسى، واستعاد المصريون كرامتهم واحترامهم أمام العالم، فقد علمتنا نصر أكتوبر العظيم أن الأمة المصرية قادرة على الانتفاض من أجل حقوقها، وأن الحق الذي يستند إلى القوة تعلو كلمته وينتصر في النهاية، وهذا ما أثبتته الحرب، حيث أظهر الشعب المصري أنه لا يفرط في أرضه وقادر على حمايتها.

المشير أحمد بدوي ودوره في الحرب

من بين الأبطال الذين ساهموا في نصر أكتوبر هو المشير أحمد بدوي، الذي وُلِد في 3 أبريل 1927 بمحافظة الإسكندرية، وتخرج من الكلية الحربية عام 1948، حيث شارك في حرب 1948، وقاتل في عدة مدن، ثم أصبح مدرساً في الكلية الحربية، وعُيّن مساعداً لكبير معلمي الكلية عام 1958، بعد أن سافر إلى الاتحاد السوفيتي في بعثة دراسية، تخرج حاملاً درجة “أركان حرب” عام 1961، ورغم إحالته إلى المعاش بعد عدوان 5 يونيو 1967، عاد إلى الخدمة بأمر من الرئيس السادات في مايو 1971، وتمكن من قيادة فرقة مشاة ميكانيكية خلال حرب أكتوبر 1973، حيث عبر مع فرقته قناة السويس إلى أرض سيناء وتمكن من صد هجوم إسرائيلي على مدينة السويس.

دوره في الثغرة

عندما قامت القوات الإسرائيلية بعملية الثغرة على المحور الأوسط، قاد المشير أحمد بدوي قواته إلى عمق سيناء، حيث تمكن من خلخلة جيش العدو واكتساب أرض جديدة، بما في ذلك مواقع قيادة العدو في منطقة عيون موسى، رغم الحصار الذي تعرض له، إلا أنه صمد مع رجاله شرق القناة، وفي 13 ديسمبر 1973، تمت ترقيته إلى رتبة اللواء وعُيّن قائد الجيش الثالث الميداني، وفي 20 فبراير 1974، كرم الرئيس السادات بدوي في مجلس الشعب ومنحه نجمة الشرف العسكرية تقديراً لجهوده.

مسيرته كوزير للدفاع

تولى المشير أحمد بدوي العديد من المناصب الهامة، حيث عُيّن في 25 يونيو 1978 رئيساً لهيئة تدريب القوات المسلحة، ثم رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة في 4 أكتوبر 1978، كما أصبح أميناً عاماً مساعداً للشؤون العسكرية في جامعة الدول العربية، وترقى إلى رتبة الفريق في 26 مايو 1979، وفي 14 مايو 1980 عُيّن وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للقوات المسلحة، مما يعكس ثقة القيادة السياسية في قدراته.

رحيل المشير أحمد بدوي

توفي المشير أحمد بدوي في 2 مارس 1981، حيث لقي هو وثلاثة عشر من كبار قادة القوات المسلحة مصرعهم في حادث سقوط طائرة عمودية في منطقة سيوة، وقد أصدر الرئيس أنور السادات قراراً بترقية المشير بدوي إلى رتبة المشير وترقية رفاقه الذين قضوا معه إلى الرتب الأعلى في نفس يوم وفاته، ليكونوا شهداء الوطن، وقد تركت هذه الحادثة أثراً عميقاً في قلوب المصريين، حيث تظل ذكرى هؤلاء الأبطال حية في ذاكرة الأمة.