تتجه الأنظار الآن نحو مبادرة ترامب للسلام في الشرق الأوسط التي أثارت ردود فعل دولية متفائلة، حيث يعتبرها الكثيرون فرصة تاريخية لإنهاء الصراع المستمر في غزة، ومع موافقة حركة حماس على الدخول في مفاوضات لوقف إطلاق النار، تتزايد الآمال في تحقيق حل الدولتين، بينما يبقى الموقف الإسرائيلي محل ترقب حذر وسط دعوات عالمية للالتزام بهذه الفرصة، مما يعكس توازنًا دقيقًا بين السياسة والواقع الميداني الذي يتطلب جهدًا مشتركًا لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
العالم يرحب برد حماس على خطة ترامب: هل تقترب غزة من وقف الحرب؟
في تحول سياسي ودبلوماسي مثير، وصف فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، اللحظة الحالية بأنها “فرصة حاسمة” لإنهاء المعاناة في غزة، وأكد على أهمية الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين على حد سواء، تصريحات تورك جاءت بعد إعلان حركة “حماس” استعدادها للدخول في مفاوضات فورية لإطلاق سراح جميع الرهائن، وذلك وفق خطة وقف إطلاق النار التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة، ويُنظر إلى هذا الإعلان على أنه نقطة تحول قد تفتح الأبواب لإنهاء واحدة من أعنف جولات الصراع في المنطقة.
مواقف قادة العالم: دعم حذر وتفاؤل مشروط
ردود الفعل الدولية كانت سريعة، فقد وصفت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، استعداد حماس للإفراج عن الرهائن بأنه “مشجع”، ودعت إلى اغتنام هذه الفرصة لإنهاء الحرب المستمرة، وفي الوقت نفسه، اعتبر كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني، أن “قبول” حماس بالمبادرة الأمريكية يمثل “خطوة مهمة إلى الأمام”، مطالبًا الجميع بتنفيذ الاتفاق دون تأخير، بينما أكد إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، أن التزام حماس يجب أن يُترجم إلى أفعال سريعة، مشيرًا إلى أن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن باتا “في المتناول”.
الموقف العربي: ترحيب حذر وإجماع على الحل السياسي
على الصعيد العربي، قوبل إعلان حماس بترحيب حذر، فقد أكدت قطر استعدادها لمواصلة جهودها لضمان تنفيذ الاتفاق على الأرض، وشددت على ضرورة أن يترافق أي وقف لإطلاق النار مع إدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى غزة، بينما دعا الأردن إلى أن تكون هذه الخطوة مقدمة لعملية سياسية شاملة تعالج جذور الصراع، وأكدت السعودية والإمارات على أن أي حل يجب أن يضمن حقوق الشعب الفلسطيني، ويؤسس لدولة مستقلة على حدود 1967، مما يعكس إجماعًا عربيًا على أهمية الهدنة كخطوة أولى نحو حل سياسي عادل ودائم.
مصر تؤكد التزامها بالوساطة لإنجاح خطة السلام
مصر، التي رحبت برد حماس، أكدت على أهمية التزام الحركة بإنهاء الحرب، وتعزيز حقوق الشعب الفلسطيني، وأعربت وزارة الخارجية المصرية عن تقديرها لجهود ترامب في تحقيق السلام، وأشارت إلى أهمية تنفيذ خطة السلام بشكل سريع، بما يسهل إدخال المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن، كما أعربت مصر عن استعدادها للتنسيق مع الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار وإعادة إعمار غزة.
من داخل إسرائيل: تحديات سياسية ومخاوف من تعطيل الخطة
في الداخل الإسرائيلي، يبرز يائير جولان، زعيم حزب “الديمقراطيين”، ليشير إلى التحديات التي تواجه تنفيذ خطة ترامب، حيث يعكس تصريح جولان حجم الانقسام السياسي حول التعامل مع المبادرة، ويتخوف الكثيرون من أن تؤدي سياسات الحكومة اليمينية المتشددة إلى إجهاض الفرصة الحالية، مما يجعل الموقف الإسرائيلي يتأرجح بين القبول الحذر والرفض الضمني، ومع تزايد الضغوط الدولية، يبقى السؤال حول قدرة الأطراف على تحويل الالتزامات إلى خطوات ملموسة.
التوازن بين السياسة والواقع الميداني
رغم الأجواء الإيجابية المحيطة بالإعلان، يبقى التساؤل حول قدرة الأطراف على تحويل هذه الالتزامات إلى خطوات عملية، فالتجارب السابقة تشير إلى أن التصريحات الأولية كثيرًا ما تصطدم بالواقع المعقد، ومع ذلك، فإن التوافق الدولي حول ضرورة إنهاء الحرب يعد نقطة إيجابية، حيث تسعى أوروبا والولايات المتحدة والأمم المتحدة لتسريع مسار التنفيذ، مما يقلل من المخاطر الإنسانية التي يواجهها سكان غزة.
دور الوسطاء وتحديات التنفيذ
الآن، يقع الدور الأساسي على الوسطاء الإقليميين مثل مصر وقطر لضمان متابعة الاتفاق على الأرض، وضمان أن تكون أي خطوات ملموسة متزامنة وسريعة، مما يحافظ على الثقة المتبادلة، وفي هذا السياق، يحذر البعض من أن أي تأخير قد يمنح الأطراف الرافضة للاتفاق الفرصة لإفشاله، لذا فإن الإرادة السياسية والقدرة على فرض التزامات صارمة تعد أمرًا حيويًا في هذه المرحلة الدقيقة، الأنظار تتجه الآن نحو الأيام والأسابيع المقبلة، حيث سيُختبر مدى جدية حماس في الالتزام بخطة ترامب، وقدرة الحكومة الإسرائيلية على المضي قدمًا دون تعطيل.
التعليقات